لا بَدَّ يُحصي ما جنيتَ ويَكتُبُ
لم ينسَهُ الملَكانِ حينَ نسيتَهُ
بل أثبتاهُ وأنتَ لاهٍ تلعبُ
والرُّوحُ فيكَ وديعةٌ أودعتَها
ستَردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَبُ
وغرورُ دنياكَ التي تسعى لها
دارٌ حقيقتُها متاعٌ يذهبُ
والليلُ فاعلمْ والنهارُ كلاهما
أنفاسُنا فيها تُعدُّ وتُحسبُ
وجميعُ ما خلَّفتَهُ وجمعتَهُ
حقاً يَقيناً بعدَ موتِكَ يُنهبُ
تَبَّاً لدارٍ لا يدومُ نعيمُها
ومَشيدُها عمّا قليلٍ يَخربُ
فاسمعْ هُديتَ نصيحةً أولاكَها
بَرٌّ نَصوحٌ للأنامِ مُجرِّبُ
صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصراً
ورأى الأمورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ
وعواقب الأيام في غصاتها
مَضَضٌ يُذَلُّ لهُ الأعزُّ الأنْجَبْ
فعليكَ تقوى اللهِ فالزمْها تفزْ
إنّّ التَّقيَّ هوَ البَهيُّ الأهيَبُ
واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منهُ الرِّضا
إن المطيعَ لهُ لديهِ مُقرَّبُ
واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ
واليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلبُ
فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ
فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ
وتَوَقَّ منْ غَدْرِ النِّساءِ خيانةً
فجميعُهُنَّ مكايدٌ لكَ تُنصَبُ
لا تأمنِ الأنثى حياتَكَ إنها
كالأفعُوانِ يُراغُ منهُ الأنيبُ
لا تأمنِ الأُنثى زمانَكَ كُلَّهُ
يوماً ولوْ حَلَفتْ يميناً تكذِبُ
تُغري بلينِ حديثِها وكلامِها
وإذا سَطَتْ فهيَ الصَّقيلُ الأشطَبُ
وابدأْ عَدوَّكَ بالتحيّةِ ولتَكُنْ
منهُ زمانَكَ خائفاً تترقَّبُ
واحذرهُ إن لاقيتَهُ مُتَبَسِّماً
فالليثُ يبدو نابُهُ إذْ يغْضَبُ
إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهدُهُ
فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغيَّبُ
-
وإذا الصَّديقٌ لقيتَهُ مُتملِّقاً
فهوَ العدوُّ وحقُّهُ يُتجنَّبُ
لا خيرَ في ودِّ امريءٍ مُتملِّقٍ
حُلو اللسانِ وقلبهُ يتلهَّبُ
يلقاكَ يحلفُ أنه بكَ واثقٌ
وإذا توارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ
يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً
ويَروغُ منكَ كما يروغُ الثّعلبُ
وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ
فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصوَبُ
واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً
إنَّ القرينَ إلى المُقارنِ يُنسبُ
إنَّ الغنيَ من الرجالِ مُكرَّمٌ
وتراهُ يُرجى ما لديهِ ويُرهبُ
ويُبَشُّ بالتَّرحيبِ عندَ قدومِهِ
ويُقامُ عندَ سلامهِ ويُقرَّبُ
والفقرُ شينٌ للرِّجالِ فإنه
حقاً يهونُ به الشَّريفُ الأنسبُ
واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهمْ
بتذلُّلٍ واسمحْ لهمْ إن أذنبوا
ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً
إنَّ الكذوبَ يشينُ حُراً يَصحبُ
وزنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكنْ
ثرثارةً في كلِّ نادٍ تخطُبُ
واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ
فالمرءُ يَسلَمُ باللسانِ ويُعطَبُ
والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُقْ بهِ
إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ
وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لمْ يُطوهِ
نشرتْهُ ألسنةٌ تزيدُ وتكذِبُ
لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائد
في الرِّزقِ بل يشقى الحريصُ ويتعبُ
ويظلُّ ملهوفاً يرومُ تحيّلاً
والرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ
كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ
رغَداً ويُحرَمُ كَيِّسٌ ويُخيَّبُ
وارعَ الأمانةَ، والخيانةَ فاجتنبْ
واعدِلْ ولا تظلمْ يَطبْ لكَ مكسَبُ
أبو الطيب المتنبي
إذا غامرت في شرف مروم
فلاتقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء أن العجز عقل
وتلك خديعة الطبع اللئيم
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى
ومن يكن ذا فم مر مريض
يجد مرا به الماء الزلالا
شيخ المعرة (أبو العلاء)
ثلاثة أيام هي الدهركله
وماهن غير الأمس واليوم والغد
وماالبدر إلا واحد غير أنه
يروح ويأتي بالضياء المجدد
إذا وصف الطائي بالبخل مادر
وعير قسا بالفهاهة باقل
وقال السهى للشمس أنت خفية
وقال الدجى ياصبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة
وبارزت الشهبَ الحصى والجنادل
فياموتُ زر إن الحياة ذميمة
ويانفس جدي إن دهرك هازل
طرفة بن العبد:-
أرى الموت أعداد النفوس ولاأرى
بعيداًغداً ماأقربَ اليوم من غد
ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاَ
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأخبارمن لم تبع له
بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد
زهير بم أبي سلمى:-
ومن يجعل المعروف في غير أهله
يكن حمده ذما عليه ويندم
ومن يعصِ أطراف الزجاج فإنه
يطيع العوالي ركبت كل لهذم
ومن يغترب يحسب عدوا صديقه
ومن لايكرم نفسه لايكرم
ومهما تكن عندامرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وإن سفاه الشيخ لاحلم بعده
وإن الفتى بعد السفاهة يحلم
أرجو أن يكون الموضوع مفيداً وشائقاً لمحبي الأدب وجميع رواد هذا المنتدى المبارك.
أخوكم:- فواز السلمي