تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فنية يعلمها أهل الاختصاص وأنت لا شك منهم. وأنا كناشر أستطيع أن أجعل من هذا التفسير عشرة مجلدات بسهولة دون عناء وكذلك أستطيع أن أجعله عشرين مجلداً، ولذلك لا ينهض هذا السبب ولا يصلح للنظر، فكيف يساق إلى اعتباره سبباً لنفي نسبة الكتاب إلى الإمام الطبراني.

سادساً: إن هذا السبب السادس والذي ساقه الباحث المستقصي والمتأني يثبت فيه أن (تفسير الطبراني الكبير جداً) لم يصرح أحد من العلماء الذين جاءوا بعده بالنقل منه، ودلل بذلك على أن تفسير الطبراني فُقًدَ منذ مدة مبكرة، ولقد كان هذا السبب السادس قاصمة الظهر للبحث الخالي من التقصي والعلمية، فقد ثبت أن ابن حجر العسقلاني قد ذكره في الفتح، وأن الإمام محمود بدر الدين العيني الحنفي 761 (- 855 هـ) قد ذكره في عمدة القارئ. وهناك الكثير الكثير من العلماء الذين ذكروا تفسير الطبراني في عصور متفاوتة ومتباعدة لا مجال لذكرهم الآن. سابعاً: أن النقل المزعوم الذي ذكرته يا دكتور بشار المعروف من مصادر توفي أصحابها بعد الإمام الطبراني مثل الإمام أبي إسحاق الثعلبي غير صحيحة، فقد وقفت على هذه النصوص في المخطوط ولم أرَ رأياً أصوب من رأي المحقق فيما ذكره حول هذه الإضافات من الناسخ، ولو اطلعت عليها بإنصاف ودون رأي سابق يا دكتور بشار لما أضفت على ما قاله المحقق شيئاً، وذلك لأن العبارة المزعومة أنها نقل من مصادر تفسيرية والقائلة "كذا في تفسير الثعلبي" هي نفسها مكررة في أكثر من خمسة مواقع في المخطوط ولم تتغير مطلقاً لا من حيث النص ولا من حيث موقعها: وهذا التكرار جاء في نهاية العبارة التفسيرية للمصنف وبعد تمام الفكرة والانتهاء منها، ولا تضيف عبارة "كذا في تفسير الثعلبي" أي معنى بياني إلى معنى الآية، وورودها دائماً على سبيل الحكاية لا على سبيل الرواية، فلا يروى المصنف أي شيء من تفسير الثعلبي وإنما العبارة تأكيد على أن هذا المعنى موجود عند الثعلبي ليس إلا، فالعبارة ليست نقلاً ولا تصلح أن تكون نقلاً وتكرارها مراراً دون تغيير في مبناها يدل على أنها ليست نقلاً وإنما هي مقابلة بين تفسيرين، ولا يصح عقلاً أن يضعها المصنف، وإنما واضعها أحد اثنين إما الناسخ أو المالك للمخطوط. وهي قطعاً ليست من عبارات المصنف ولا بأي حال من الأحوال.

وقولك يا دكتور بشار المعروف "بأن المحقق بدلاً من أن يستدل بهذه النصوص الصرحية في النقل عن هذين المؤلفين، فإنه حذف من النص جميع التصريحات بالنقل عنهما ليستقيم له الأمر، وبحجة واهية مفادها أن هذا ليس من النص وأن الناسخ أدرجه فيه". إن هذا القول يدل دلالة قطعية بأنك لم تطلع على المخطوط أصلاً، وهذا القول لا يدل على علمية في البحث أو موضوعية، بل يدل على عقلية اتهامية وغير منصفة وهو قول يُبهم الحقيقة ولا يبينها. ولو لم يكن الأمر كذلك لما وصفت عبارة (كذا في تفسير الثعلبي) "بالنصوص الصريحة في النقل" فأين النص المنقول يا سعادة الدكتور؟؟،، وعلى ما تقدم فإن الأسباب السبعة التي أوردها الدكتور بشار المعروف وجعلها أعمدة بحثه القائم على الاستقصاء المتأني وركائز مقولته التي بدأ وختم مقاله بها والتي تنص على "أن هذا التفسير لا يمكن أن يكون لأبي القاسم الطبراني، وهو تفسير لأحد الحنفية المتأخرين" فهذه الأسباب وتلك الأعمدة واهية لا تنهض بنفسها فكيف تنهض بغيرها.

وبعد هذا البيان الواضح حول تعقيبات الدكتور بشار نسأل: لماذا كل هذه الضجة التي أثيرت حول نسبة التفسير الكبير للإمام الطبراني؟؟ وما علاقة مذهبه الحنفي فيما أثير بخصوص هذه النسبة؟؟ وهل يثار ما أثير فيما إذا كان مصنف التفسير حنبلي المذهب؟ وهل يقف كل هؤلاء المثيري الجدل والضجيج عند حدود إثبات النسبة دون الغوص في موضوع التفسير ومادته العلمية، وما فيهما من كنوز معرفية وحيوية متدفقة، تحرك الإحساس والشعور والفكر، والعقيدة النقية الباعثة على التفكير الجاد والعملي.

فقد كنا نأمل ولا زلنا أن يكون هذا التفسير رغم أي اختلاف حول نسبته لمصنفه الإمام الطبراني، أن ينبري الباحثون والدارسون إلى مادة الكتاب العلمية، ولإثراء الثقافة الإسلامية بهذا الكنز الكبير، والاستفادة من دقة الأفكار الموجودة فيه، وحسن الأسلوب في التعبير عنها، والانتفاع بخبرة المصنف رحمه الله وغزارة علمه وثراء فكره في البيان القرآني بالحديث والأثر ومعاني اللغة، ودلائل أساليب العرب في التعبير عن المراد، وعلاقته بالنص، أو بالمعاني الجديدة في الواقع، فهو يتعامل مع النص القرآني بحيوية تقربه من القارئ، حتى أن القارئ يستشعر قرب العهد منه وكأنه مفسر معاصر حديث، رغم البعد التاريخي الفاصل بين عصرنا وعصر المصنف رحمه الله. ولقد كنا قبل الشروع في تحقيق وطباعة الكتاب وبعد أن عُرًضَتْ علينا الإشكالات والملابسات حول موضوع النسبة، قد توقعنا أن يكون هناك نقد موضوعي على هذا العمل الفريد بما يزيد هذا العمل ثراءً علمياً، إلا أننا لم نكن نتوقع أن يكون مستوى النقد بهذا الهبوط الفكري والحسي. وعزاؤنا أننا في عصر انحطاط هذه الأمة، لا في عصر نهضتها وعزتها. فالذين ينبرون للنقد السطحي هم من جنس هذا الواقع الذي نعيش، ونأمل أن نجد فيمن يتقدمون بالنقد أن يكون نقدهم نقداً موضوعياً منصفاً وخالياً من التحيز "لأن المتحيز لا يميز"، وأن يبحث في مادة الكتاب العلمية ويظهر قيمة الكتاب بموضوعيةوإنصاف، ويبين لنا بصدق العالم المخلص إخلاصاً خالصاً لوجه الله تعالى، مستوى الكتاب من الناحية العلمية والفكرية والعقائدية والفقهية والبيانية"، ويكشف لنا حالة الضمور الحسي عند الذين يقفون عند حدود النسبة ولا يتعدونها إلى جوهر القضية وأساس المسألة وغاية التفسير ومقصده.

الناشر

بلال إبراهيم الشلول

المدير العام لدار الكتاب الثقافي

Date : 01-06-2008

المصدر ( http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CLocalAndGover%5C2008%5C06%5CL ocalAndGover_issue237_day01_id54436.htm)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير