تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النسخ الخمس المعروفة للكتاب جميعها حديثة، ترجع إلى نسخة السيد نعمان الألوسي قائلاً: "تكاد النسخ تتفق في كل شيء، وإن اختلفت ففي كلمات يسيرة قد تكون من أثر الناسخ ... وقد قمت بمقابلة كل النسخ ما عدا نسخة الإنكرلي واخترت ما اتفقت النسخ عليه عند الاختلاف إلا إذا تبين لي وجه الخطأ فيه" (13).

ولا يكترث الجاسر كثيرًا بتبيين الفروق بين النسخ الخطية، فإذا استثنينا ما أورده من فروق في جدول خاص بين نسختي الإسكوريال والحرم المكي من كتاب الوفا بما يجب لحضرة المصطفى -وهو كتاب صغير تحتوي إحدى نسخه على زيادات لا يمكن تجاهلها- فإننا لا نكاد نجد اهتمامًا كثيرًا منه بتبيين الفروق في كتبه الكبيرة الأخرى؛ ففي كتاب لغدة مثلاً نجده يصرح بذلك قائلاً: "ولم أرد تكثير الحواشي بإيراد اختلاف النسخ إلا نادرًا" (14). وفي الدرر الفرائد نراه يقول: "ورجعت إلى النسخ الأخرى في الكلمات التي يقع فيها اختلاف، ووضعت ما اتفق عليه أكثرها، دون الإشارة إلى الاختلاف، ما لم يكن محتملاً أن يكون هو الصواب" (15). ويقول في مقدمته لكتاب المناسك "لم أستحسن ملء هوامش الكتاب ببيان ما وقع في مخطوطته من تحريف، لأنّ هذا لا يفيد القارئ" (16).

الرجوع إلى المصادر والتخريج

يرى الجاسر أنّ من وسائل تحقيق الكتاب وإخراجه على الصورة التي تركها عليه مصنفه استكمال مراجعته على المصادر التي أخذ عنها أو أخذت عنه، ولذلك نراه يجهد نفسه في مراجعة المصادر التي تتصل ببعض الكتب التي نشرها، فنراه في مقدمة المناسك يجعل تقويم الأصل مربوطًا "بالرجوع إلى المصادر ذات الصلة" (17).

ويقول في مقدمته لكتاب بلاد العرب للغدة: "قابلت أسماء المواضع على ما ورد عنها في كتاب الإسكندري حيث تبين لي أنه اطلع على هذا الكتاب ونقل عنه كثيرًا، ومما نقله ما لا نجده في معجم البلدان -الذي حوى كثيرًا مما في كتاب نصر- ... وقد حرصت على أن أرجع إلى كتاب نصر عند كل اسم، غير أنني لم أستطع ذلك دائمًا؛ إذ الكتاب لا يزال مخطوطًا، وكثيرًا ما يذكر الاسم في غير موضعه. وهذا يستلزم جهدًا كبيرًا ... إلخ" (18). ويذكر إلى جانب ذلك مراجعته مادة الكتاب على كتاب الزمخشري وكتاب ياقوت معجم البلدان.

وكذلك فعل في نشرته لكتاب الأماكن للحازمي، فقد رجع في نشرته له إلى كتاب نصر وكتاب معجم البلدان الذي حوى جل ما في الكتابين قائلاً: "ومن هنا فإنّ ما عملته يوفر للباحث الاطلاع على الكتب الثلاثة" (19).

وفي بحثه المعنون "من تاريخ الدولة السعودية الأولى في المؤلفات اليمنية"، نجده يؤكد على أنّ من سمات المؤرخ استكمال ما يتعلق بموضوع دراسته من مراجع بصرف النظر عما يكون بينها من اختلاف (20). ونراه يأخذ على محققي تاج العروس "عدم رجوعهم إلى المصادر المتيسرة" (21).

ومع ذلك فإنّ من المهم أن نشير إلى أنّ منهج الشيخ في الرجوع إلى المصادر ليس على إطلاقه، فالملاحظ أنّ الشيخ يرجع -وبخاصة في تحقيق الكتب الجغرافية- إلى الكتب الموسوعية في الموضوع، أو ما يمكن أن يسمى بالكتب الوسيطة ككتب نصر والحازمي وياقوت والبكري ونحوها، لكنه لا يكاد يرجع إلى الكتب الأصول التي رجعت إليها هذه الكتب، وكمثال على ذلك نجد الحازمي في الأماكن ينقل نصًّا عن الأزهري وبيتين من الشعر، فيحيل المحقق إلى كتاب نصر دون أن يرجع إلى المصدر الأصلي للمؤلف وهو كتاب الأزهري تهذيب اللغة والنص موجود فيه (22). وينقل الحازمي عن الليث قوله: "الزابان نهران في سافلة الفرات، وربما سموهما مع ما حواليها من الأنهار الزوابي وعامتهم يحذفون منه الياء ويقولون الزاب، كما يقولون للبازي باز" (23). فيرجع الشيخ إلى كتاب نصر وينقل ما ذكره عن الزاب، ويغفل الرجوع إلى كتاب العين الذي يرد النص فيه، وهو المصدر الأصلي (24).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير