تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن قلتَ قد قلتَ: إنَّ (ما) [في] ([45]) حالة الجرّ حرفيَّة فكيف تقع مبتدءا في المصنَّفِ؟ قلتُ: هي في المصنَّف اسم إذ القصد منها لفظها، إن قلتَ إذا كانت اسما فكيف تحكم عليها بأنها حرف زائد؟ وهل هذا إلاَّ تنافٍ؟ قلتُ: المحكوم عليه بالاسميَّة لفظها والمحكوم عليه بالحرفيَّة والزّيادة مدلولها، وهو كلمات (ما) الواقعة في تراكيب (ولاسيّما) فهو لفظٌ مسماه لفظٌ.

و (ما) في [حال الـ] ([46]) رفعٍ اسميةٌ في محل جرّ بالمضاف وهو (سيّ)، (أُلِفْ وَصْلٌ لها) بالجملة المركبة من الاسم المرفوع خبرا والضَّمير المقدَّر كما يأتي في قوله:

(وعِنْدَ رَفْعٍ مُبتدًا قَدّرْ) وهذه الجملة على هذا لا محل لها من الإعراب؛ [و] ([47]) إمَّا على أنّها نكرةٌ والجملة صفة لها المشار له بقوله: (قُلْ أو تَنَكُّرٌ وُصِفْ) فهي في محل جرّ؛ وضمير (وُصِفْ) إمَّا راجع للمتنكر المفهوم من (تنكُّرٌ)، وإمّا للتنكّر مراداً به النكرة فهو استخدام، وإمّا له باقيا على معناه وهو من الحذف والايصال، والاصل: وُصِف فيه، أي: وُصِف (ما) في حالته إلاَّ أنَّ الحذف والايصال بابه السَّماع؛ هذا إن كان قوله: (وُصِفْ) ماضيا مبنيَّا للمجهول وعليه فلا فائدة لقوله: (قُلْ) إلاَّ تكملة الوَّزن، ويحتمل أنَّ (صِفْ) أمر من (وُصِفْ) ومفعوله محذوف أي: و (صِفْ) أنت (ما) في حالة التنكّر بالجملة، و (الوَّاو) فيه للعطف، ويكون فائدة قوله: (قُلْ) التوصل لقوله: (صِفْ) ليكون عطفا عليه إذ لا يصح عطفه على غيره ممَّا قبله، لأنه إنشاء وما قبله خبر، وإن كان يستغنى عنه على مذهب من يعطف الخبر على الإنشاء ([48])، أو يجعل (صِفْ) مستأنفا.

وسكت المصنّف عن (ما) حال النَّصب ويأتي لنا فيه كلام عند قوله: (وَانْصِبْ مُميِّزَا).

(وَعِنْدَ رَفْعٍ مُبْتدًا قَدّرْ) وذلك المبتدأ هو رابط الصّفة وعائد الصّلة ([49])، وحَذْفُه هنا ليس شاذاً بل واجب سواء طول الصّلة وعدمه ([50])، وذلك أنهم ألحقوا (لاسيَّما) بـ (إلاَّ) الاستثنائية [3/أ] في عدم وقوع الجملة بعد كُلٍّ بجامع مخالفة ما بعد كُلٍّ لما قبله، وإن كان المخالفة في (إلاَّ) بكونه مُخرَجًا مما قبلها وفي (لاسيَّما) لكونه أولى منه بالحكم، وهذا التوجيه ذكره المحققون الذين لا يجعلون (ولاسيَّما) من أدوات الاستثناء ([51])، وهو لا يستلزم أنّ (لاسيَّما) من أدوات الاستثناء؛ إذ غايته إلحاق (ولاسِيّما) بـ (إلاَّ) في عدم وقوع الجملة بعدها بجامع مطلق المخالفة، وأمَّا كونها من أدوات الاستثناء باعتبار ما معها من المخالفة أولا فمقام آخر لا تلازم بينه وبين هذا، فَقَولُ بعض ([52]) هذا على أنّ (لاسيَّما) من أدوات الاستثناء، وسيأتي أنَّ الرَّاجح خلافه غلط؛ و [ممَّا] يقتضي [وجوب] ([53]) الحذف أيضا أنَّ هذا كلام جرى في كثرة الاستعمال مجرى الامثال فلا يُغيّر عما سمع فيه من الحذف.

ثُمَّ شرع في الكلام على (سيّ) فقال: (وفي رَفْعٍ وَجَرٍّ أعْرِبَنْ سِيّ تَفِي) وإعرابها نصْبٌ لأنها اسم للا التبرئة وهي مضافة لـ (ما) حال الرّفع، وللنّكرة بعدها حال الجرّ، فيجب نصبها، ولا يلزم على الأوَّل إنْ قَدرت (ما) موصولة عمل (لا) في معرفة، لأنَّ (سِيّ) معناه (مِثْل) فهو متوغل في الإبهام فلا يتعرّف بالاضافة، وخبر (لا) محذوف أي: موجود.

[فإن] ([54]) قلتَ: هل يجوز رفع (سيّ) على أنَّ (لا) عاملة عمل (ليس) قياسا وإن كان لم يُسمع إلاَّ بالنَّصب؟

قلتُ: لا يجوز لعدم ملاقاته القصد؛ إذ المراد بقولك: (ساد العلماءُ ولاسِيّما زيدٌ) نفي جنس المماثل لزيد بنفي جميع أفراده، لا النَّفي في الجملة الصَّادق بنفي الوَّاحد الَّذي لا ينافي ثبوت الأكثر كما هو مفاد [العاملة] ([55]) عمل (ليس).

وذهب بعضهم: إلى أنَّ (ما) في حالة الرَّفع خبر (لا) ([56]) قال في " المغني ":

(ويلزمه كفّ (سيّ) عن الإضافة من غير كافٍّ، وأمَّا ما يقال يلزمه عمل (لا) في معرفة فيرده إمكان تقديرها نكرة موصوفة) ([57]) انتهى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير