تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأدلة العقلية الصحيحة البينة التي لا ريب فيها، بل العلوم الفطرية الضرورية توافق ما أخبرت به الرسل لا تخالفه، وأن الأدلة العقلية الصحيحة جميعها موافقة للسمع لا تخالف شيئا من السمع وهذا ـ ولله الحمد ـ قد اعتبرته فيما ذكره عامة الطوائف فوجدت كل طائفة من طوائف النظار أهل العقليات لا يذكر أحد منهم في مسألة ما دليلا صحيحا يخالف ما أخبرت به الرسل بل يوافقه، حتى الفلاسفة القائلين بقدم العالم كأرسطو وأتباعه: ما يذكرونه من دليل صحيح عقلي فإنه لا يخالف ما أخبرت به الرسل بل يوافقه، وكذلك سائر طوائف النظار من أهل النفي والإثبات لا يذكرن دليلا عقليا في مسألة إلا والصحيح منه موافق لا مخالف.

135

وليس لهم قانون يرجعون إليه في هذا الأمر من جهة الرسالة بل هذا يقول: ما أثبته عقلك فأثبته وإلا فلا، وهذا يقول: ما أثبته كشفك فأثبته وإلا فلا / فصار وجود الرسول صلي الله عليه وسلم عندهم كعدمه في المطالب الإلهية وعلم الربوبية، بل وجوده ـ على قولهم ـ أضر من عدمه لأنهم لم يستفيدوا من جهته شيئا واحتاجوا إلي أن يدفعوا ما جاء به: إما بتكذيب وإما بتفويض وإما بتأويل

137

بل الواجب أن ينظر في عين الدليلين المتعارضين فيقدم ما هو القطعي منهما، أو الراجح إن كانا ظنيين، سواء كان هو السمعي أو العقلي، ويبطل هذا الأصل الفاسد الذي هو ذريعة إلى الإلحاد.

138

وهذا كما أن العامي إذا علم عين المفتي ودل غيره عليه وبين له أنه عالم مفت ثم اختلف العامي الدال والمفتي وجب على المستفتي أن يقدم قول المفتي فإذا قال له العامي: أنا الأصل في علمك بأنه مفت فإذا قدمت قوله على قولي عند التعارض قدحت في الأصل الذي به علمت بأنه مفت قال له المستفتي: أنت لما شهدت بأنه مفت ودللت على ذلك شهدت بوجوب تقليده دون تقليدك كما شهد به دليلك وموافقتي لك في هذا العلم المعين لا يستلزم أني أوافقك في العلم بأعيان المسائل وخطؤك فيما خالفت فيه المفتي الذي هو اعلم منك لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفت وأنت إذا علمت أنه مفت باجتهاد وإستدلال ثم خالفته باجتهاد واستدلال كنت مخطئا في الاجتهاد والاستدلال الذي خالفت به من يجب عليك تقليده وإتباع قوله وإن لم تكن مخطئا في الاجتهاد والاستدلال الذي [خالفت به من يجب عليك / تقليده واتباع قوله، وإن لم تكن مخطئا في الاجتهاد والاستدلال الذي] به علمت أنه عالم مفت يجب عليك تقليده هذا مع علمه بأن المفتي يجوز عليه الخطأ والعقل يعلم أن الرسول صلي الله عليه وسلم معصوم في خبره عن الله تعالي لا يجوز عليه الخطأ فتقديمه قول المعصوم على ما يخالفه من أستدلاله العقلي أولي من تقديم العامي قول المفتي على قوله الذي يخالفه

141

فإذا كان عقله يوجب أن ينقاد لطبيب يهودي فيما أخبره به من مقدرات من الأغذية والأشربة والأضمدة والمسهلات واستعمالها على وجه مخصوص مع ما في ذلك من الكلفة والألم لظنه أن هذا أعلم بهذا مني وأني إذا صدقته كان ذلك أقرب إلي حصول الشفاء لي مع علمه بأن الطبيب يخطئ كثيرا وأن كثيرا من الناس لا يشفى بما يصفه الطبيب بل قد يكون استعماله لما يصفه سببا في هلاكه ومع هذا فهو يقبل قوله ويقلده وإن كان ظنه واجتهاده يخالف وصفه فكيف حال الخلق مع الرسل عليهم الصلاة والسلام؟!

/ والرسل صادقون مصدوقون لا يجوز أن يكون خبرهم على خلاف ما أخبروا به قط والذين يعارضون أقوالهم بعقولهم عندهم من الجهل والضلال ما لا يحصيه إلا ذو الجلال فكيف يجوز أن يعارض ما لم يخطئ قط بما لم يصب في معارضته له قط؟

150

بل لا يعلم حديث صحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الأمر والنهي أجمع المسلمون على تركه إلا أن يكون له حديث صحيح يدل على أنه منسوخ

152

وأما كلامه [أرسطو] وكلام أتباعه: كالإسكندر الأفروديسي وبرقلس وثامسطيوس والفارابي وابن سينا والسهروردي المقتول وابن رشد الحفيد وأمثالهم في الإلهيات فما فيه من الخطأ الكثير والتقصير العظيم ظاهر لجمهور عقلاء بني آدم بل في كلامهم من التناقض ما لا يكاد يستقصى

157

وأما المسائل المولدة كمسألة الجوهر الفرد وتماثل الأجسام وبقاء الأعراض وغير ذلك ففيها من النزاع بينهم ما يطول استقصاؤه، وكل منهم يدعي فيها القطع العقلي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير