فاعلن ومُفعلن (قراءة في عقلية المتطاولين على الدعوة السلفية)
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[15 - 02 - 09, 10:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فاعلٌ ومُفعَّلُن
منقول من موقع شبكة القلم ( http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&*******Id=625)
يُعرف فساد الرأي بالنظر في القول والقائل وسياق الحال الذي يعرض في الرأي. فإن كان القول قولاً فجاً لا يستند لدليلٍ صريح ولا يؤيده عقلٌ صحيحٌ فهو قولٌ فاسدٌ لا يراد به الإصلاح وإنما الفتنة بين الناس، وإن كان القائل ممن اشتهروا بحرب الدين والمتدينين فهذه أمارة من القائل على فساد رأيه بداية حتى يتبين لنا شيءٌ آخر، أو كان المتكلم يتكلم بقضايا مردودٍ عليها، ويدعو إلى تجربة فشلت عدة مرات أمام أعيننا .. يريد استيراد المستعمل المتهالك الذي فشل غيرُه في زرعه بيننا بالبيان والسنان، بل وفشل في بلده أيضاً .. إذا كان المتكلم يجتر كلاماً قد قيل مراراً على أولياء الأمر من العلماء والساسة .. كهنوت .. وسحر .. وانغلاق في المجتمع والعقول .. ولابد من الحرية .. وأن حياة السلف (السلفية) ثقافة فقط للأزمات، وأن الغرب لم يستفد منا غير الأرقام، فهذه أمارة على أن الرأي ليس للإصلاح. لأنه يتعاطى قضايا ردَّ عليها من قبل، ويجرب ما تم تجريبه عدّة مرات وفي كل مرة فشل.
وسياق الحال الذي يعرض فيه الرأي أوضح الشهود على فساد الرأي حالاً أو مآلاً، فحين تجد قناةً فضائية ناطقة بـ (العربية) تَْنصر الدولة اليهودية العبرية والأمريكية العلمانية، وتثور على الأقلية المستمسكة بدينها المطالبة بحقها التي يذبح أبناؤها ونسائها وشيوخها .. حين ترى مثل هذه المعوجَّةَ تتبنى رأياً فهو رأي فاسد، ولا تشك في هذا؛ وفساده قد يكون منه وقد لا يكون منه .. قد يكون صالحاً لَحِقَهُ الفساد بدخوله هذه المعوجة والتحدث منها، كما يقول أهل الأصول (حرام لغيره)، وهو قبل تبني هذه المعوجة له صالح يسُمع إليه ويؤخذ به أو يرد عليه.
وقد يردُّ على القول بالحجة (البيان)، وقد يرد عليه بالتأديب (العقوبة)، أو بالاثنين معاً العقوبة والبيان، وهذا على حسب حالِ المتكلمِ وكلامهِ (1).
ولا أفهم أبداً أن أفكاراً تولد على الخمسين أو تحت الخمسين أو فوق الخمسين بقليل، ما يحدث من تغيرات مفاجئة على بعض الفاعلين في الساحة الإسلامية حين يتجاوز الخمسين عاماً تكون في الغالب انطلاقة لحبيسٍ يئن بين الضلوع ولم تكن تراه العيون، أما الأفكار، وأما المفاهيم، وأما المصلحون فإنهم جادُّون من يوم ركوبهم على الصراط المستقيم، تنضج أفكارهم نعم، ويصوبون أخطائهم نعم، وينصحون من حولهم وينصحهم من حولهم نعم، أما أن ينقلبوا على ما عاشوا عليه حيناً من الدهر فلا .. ولا.
إن هؤلاء الذين يتغيرون فجأة .. لا يتغيرون فجأةً على الحقيقة، ولكن يظهر ما بداخلهم فجأة للبعيد عنهم فقط، أما القريب منهم فيعرف من حالهم ما يرشده لو كان يتدبر، كما قال الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) (2) فهو فيما يبدوا للناس.
لأقول:
أصحاب الخمسين والستين ليسوا مجددين ولا مصلحين، وإنما هم باحثون عن ذواتهم، تحرك ركب التاريخ من أمامهم ويريدون اللحاق به، أو مكبوتون واتتهم فرصة فانفلتوا.
وهم مخطئون فما عند الله خير وأبقى .. ما عندنا ينفد وما عند الله باق. {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل96 فمن وجد فسحة فليحمد الله، وليعلم أنه محاسب، ومن لم يجد فسحة فليصبر وليحتسب، فما هي إلا أيام ونكون بين يدي الله.
هذه النماذج لا تجهل وجاءت تتعلم، وإنما عندها ما تريد فرضه علينا .. سواء أكان الرأي أم شخصها، فلا يكون الجواب عليها تنظيراً فقط، وإنما تنظير وتصدي على أرض الواقع، بمواجهة مشاريعها إن ثمت مشاريع، أو غرس شجرٍ جديد على مقربة منها.
¥