بخلاف ما قاله ابن كلاب في مسألة الكلام، واتبعه عليه الأشعري، فإنه لم يسبق ابنَ كلاب إلى ذلك أحد، ولا وافقه عليه أحد من رؤوس الطوائف
100
وأبو بكر البيهقي موافق لابن الباقلاني في أصوله
102
ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف، لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة وهم فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار الأمور أوساطها.
[من أفضل ما أنت راءٍ من الكلام وأحسنه!]
106
ومعلوم أنه ليس بعد الشافعي وابن سريج مثل الشيخ أبي حامد الإسفرايني
155
وإذا كانت الدعوى خطأ لم تكن حجتها إلا باطلة، فإن الدليل لازم لمدلوله، ولازم الحق لا يكون إلا حقا
159
أبو عبد الله الرازي غالب مادته في كلام المعتزلة ما يجده في كتب أبي الحسين البصري، وصاحبه محمود الخوارزمي وشيخه عبد الجبار الهمداني ونحوهم، وفي كلام الفلاسفة ما يجده في كتب ابن سينا وأبي البركات ونحوهما وفي مذهب الأشعري يعتمد على كتب أبي المعالي كالشامل ونحوه وبعض كتب القاضي أبي بكر وأمثاله، وهو ينقل أيضا من كلام الشهرستاني وأمثاله، وأما كتب القدماء كأبي الحسن الأشعري وأبي محمد بن كلاب وأمثالهما وكتب قدماء المعتزلة والنجارية والضرارية ونحوهم فكتبه تدل على أنه لم يكن يعرف ما فيها، وكذلك مذهب طوائف الفلاسفة المتقدمين وإلا فهذا القول الذي حكاه عن أبي البركات هو قول أكثر قدماء الفلاسفة الذين كانوا قبل أرسطو وقول كثير منهم كما نقل ذلك أرباب المقالات عنهم فنقل أرباب المقالات الناقلون لاختلاف الفلاسفة في الباري ما هو؟ قالوا: قال سقراط وأفلاطون وأرسطو إن الباري لا يعبر / عنه إلا بهو فقط
174
وأما أقوال أئمة الفقه والحديث والتصوف والتفسير وغيرهم من علماء المسلمين وكذلك كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان فكلام الرازي يدل على أنه لم يكن مطلعا على ذلك.
225
فكما أن الأبد هو الدوام في المستقبل فالأزل هو الدوام في الماضي
237
أما ما لا يوصف بالوجود – كالأعدام المتجددة، والأحوال عند من يقول بها، والإضافات عند من لا يقول: إنها وجودية – فلا يصدق عليها اسم الحادث، وإن صدق عليها اسم المتجدد، فلا يلزم من تجدد الإضافات والأحوال في ذات الباري أن تكون محلا للحوادث.
241
والإحداث هو من مقولة (أن يفعل)، و (أن يفعل) أحد المقولات العشر، وهي أمور وجودية
[لمن لا يتذكر، فالمقولات العشر جمعها الناظم في قوله:
إن المقولات لديهم تحصر ................. في العشر وهي عرض وجوهر
فأول له وجود قاما ................. بالغير والثاني بنفس داما
ما يقبل القسمة بالذات فـ (كم) ................. و (الكيف) غير قابل بها ارتسم
(أينٌ) حصول الجسم في المكان ................. (متى) حصول خص بالأزمان
و (نسبة) تكررت إضافة ................. نحو أبوة إخا لطافة
(وضع) عروض هيئة بنسبة ................. لجزئه وخارج فأثبت
و (هيئة) بما أحاط وانتقل ................. (ملك) كثوب أو إهاب اشتمل
إن يفعل (التأثير) أن ينفعلا ................. (تأثر) ما دام كل كملا]
254
ولكن الجهمية تقول: خلق علما لا في محل، والبصريون من المعتزلة يقولون: خلق إرادة وقدرة لا في محل، وطائفة منهم يقولون: خلق بخلق بعد خلق لا في محل، وهذه المقالات ونحوها مما يعلم فساده بصريح العقل.
255
ولهذا كان من يقول: إن كلام الله قائم بذاته متفقين على أن كلام الله غير مخلوق، ثم هم بعد هذا متنازعون على عدة أقوال:
هل يقال: إنه معنى واحد أو خمسة معان لم تزل قديمة كما يقوله ابن كلاب والأشعري
أو أنه حروف وأصوات قديمة أزلية لم تزل قديمة كما يذكر عن ابن سالم وطائفة
أو يقال: بل هو حروف وأصوات حادثة في ذاته بعد أن لم يكن متكلما كما يقوله ابن كرام وطائفة.
¥