وما من مقدمة يدعون بها إفساد قول الأول إلا وفي أقوالهم ما هو أفسد منها
والمناظرة تارة تكون بين الحق والباطل، وتارة بين القولين الباطلين لتبيين بطلانهما، أو بطلان أحدهما، أو كون أحدهما أشد بطلانا من الآخر، فإن هذا ينتفع به كثيرا في أقوال أهل الكلام والفلسفة وأمثالهم ممن يقول أحدهم القول الفاسد وينكر على منازعه ما هو أقرب منه إلى الصواب، فيبين أن قول منازعه أحق بالصحة إن كان قوله صحيحا، وأن قوله أحق بالفساد إن كان قول منازعه فاسدا، لتنقطع بذلك حجة الباطل، فإن هذا أمر مهم، إذ كان المبطلون يعارضون نصوص الكتاب والسنة بأقوالهم، فإن بيان فسادها أحد ركني الحق وأحد المطلوبين
208
وهذه المقدمات يمكن منازعوهم أن ينازعوهم فيها أعظم مما يمكنهم هم منازعة أولئك
[المحقق: ض: منازعهم. وفي سائر النسخ: منازعيهم ولعل الصواب ما أثبته]
[قلت: بل هو خطأ محض]
218
فإنا قد بينا في الرد على أصول الجهمية النفاة للصفات في الكلام على تأسيس التقديس وغيره أن عامة ما يحتج به النفاة للرؤية والنفاة لكونه فوق العرش ونحوهم من الأدلة الشرعية الكتاب والسنة هي أنفسها تدل على نقيض قولهم
[في هامش (ص) كتب أمام هذا الموضع ما يلي: تأسيس التقديس للرازي ونقضه المصنف قدس الله روحه في نحو اثني عشر مجلدا، ويسمى بتخليص التقديس في تأسيس التلبيس]
227
فعامة ما يلبس به هؤلاء النفاة ألفاظ مجملة متشابهة، إذا فسرت معانيها وفصل بين ما هو حق منها وبين ما هو باطل زالت الشبهة وتبين أن الحق الذي لا محيد عنه هو قول أهل الإثبات للمعاني والصفات.
252
ومن أعجب خذلان المخالفين للسنة وتضعيفهم للحجة إذا نصر بها حق وتقويتها إذا نصر بها باطل أن حجة الفلاسفة على التوحيد قد أبطلها لما استدلوا بها على أن الإله واحد، والمدلول حق لا ريب فيه، وإن قدر ضعف الحجة ثم إنه يحتج بها بعينها على نفي لوازم علو الله على خلقه، بل ما يستلزم تعطيل ذاته فيجعلها حجة فيما يستلزم التعطيل ويبطلها إذا احتج بها على التوحيد.
258
والوجه الأول من الوجهين هو الذي اعتمده ابن سينا في إشاراته وقد بسطنا الكلام عليه في جزء مفرد شرحنا فيه أصول هذه الحجة التي دخل منها عليهم التلبيس في منطقهم وإلهياتهم وعلى من اتبعهم كالرازي والسهروردي والطوسي وغيرهم.
265
وقد تنازع الناس في الحروف التي في كلام الآدميين: هل بينها وبين المعاني مناسبة تقتضي الاختصاص؟ على قولين مشهورين.
[يقصد بالشهرة أن القولين معروفان في الكتب المصنفة، وإن كان القول بالمناسبة يكادون يجمعون على ضعفه]
276
ونحن نذكر ما يقدح به الآمدي وأمثاله في حججهم التي احتجوا بها في موضع آخر، وإن كان بعض ذلك القدح ليس بحق، ولكن يعطى كل ذي حق حقه قولا بالحق واتباعا للعدل.
279
ومن كان له خبرة بحقيقة هذا الباب تبين له أن جميع المقدمات العقلية التي ترجع إليها براهين المعارضين للنصوص النبوية إنما ترجع إلى تقليد منهم لأسلافهم لا إلى ما يعلم بضرورة العقل ولا إلى فطرة، فهم يعارضون ما قامت الأدلة العقلية على وجوب تصديقه وسلامته من الخطأ، بما قامت الأدلة العقلية على أنه لا يجب تصديقه، بل قد علم جواز الخطأ عليه، وعلم وقوع الخطأ منه، فيما هو دون الإلهيات فضلا عن الإلهيات التي يتيقن خطأ من خالف الرسل فيها بالأدلة المجملة والمفصلة.
290
والرازي وأتباعه يبينون حدوث الجسم في كتبه الكلامية كالأربعين ونهاية العقول والمحصل وغير ذلك، ثم يبينون فساد كل ما يحتج به على حدوث الأجسام في مواضع أخر، مثل المباحث المشرقية، وكذلك في المطالب العالية التي هي آخر كتبه، بين فساد حجج من يقول بحدوثها، وأنه فعل بعد أن لم يكن فاعلا، ويذكر حججا كثيرة على دوام الفاعلية، ويورد عليها مع ذلك ما يدل على فسادها، ويعترف بالحيرة في هذه المواضع العظيمة مسائل الصفات وحدوث العالم ونحو ذلك.
وسبب ذلك أنهم يقولون أقوالا تستلزم الجمع بين النقيضين تارة ورفع النقيضين تارة بل تستلزم كليهما. والأصل العظيم الذي هو من أعظم أصول العلم والدين لا يذكرون فيه إلا أقوالا ضعيفة.
[انتهت الفوائد المنتقاة من المجلد الرابع بحمد الله]
ـ[أبو البركات]ــــــــ[16 - 01 - 09, 01:39 م]ـ
وليس في أجزاء الزمان شيء قديم، وإن كان جنسه قديما، بل كل جزء من الزمان مسبوق بآخر، فليس من التأثيرات المعينة تأثير قديم كما ليس من أجزاء الزمن جزء قديم
ممكن أحد من الأخوة يشرح هذه الفائدة ولكم جزيل الشكر
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[16 - 01 - 09, 03:28 م]ـ
متابع جزاك الله خيرا
ـ[محمود الناصري]ــــــــ[16 - 01 - 09, 04:50 م]ـ
ممكن أحد من الأخوة يشرح هذه الفائدة ولكم جزيل الشكر
القديم = الله
أو وجوده مع الله تعالى
(وليس في أجزاء الزمان شيء قديم، وإن كان جنسه قديما، بل كل جزء من الزمان مسبوق بآخر، فليس من التأثيرات المعينة تأثير قديم كما ليس من أجزاء الزمن جزء قديم)
أي ليس في اجزاء الزمان ما هو مع الله تعالى فقد كان الله ولم يكن شيء ولا زمان مع الله تعالى
والزمان حدث = مخلوق
وعليه ان اجزاء الزمان مخلوقة متعاقبة ولهذا فليس في تاثيرات الزمان قدم اي مع الله تعالى
فالله عندما خلق الزمان صارالزمان من العالم وليس من القديم او مع القديم
وعليه كل جزْ من الزمان مخلوق وهو من العالم وليس مع القديم او من القديم او في القديم
والحوادث تولد حوادث لا خلاف في ذلك لكن لا يستلزم قدم الحادث وهذا يثبت بالمشاهدة ناهيك عن المقدمات الصحيحة
والعالم = كل شي خلا الله تعالى
فالله قديم
وكل شيء غير الله تعالى يسمى عالم
وهنا شيخ الاسلام يرد على من يقول بالتسلسل بانواعه
أخشى اني زدتك حيرة (ابتسامة)
¥