وهذا مما يبين لك أن من قال من المتفلسفة: إنه سبحانه وتعالى يعلم الأشياء على وجه كلي لا جزئي، فحقيقة قوله: إنه لم يعلم شيئا من الموجودات، فإنه ليس في الموجودات إلا ما هو معين جزئي، والكليات إنما تكون في العلم [الذهن] لا سيما وهم يقولون: إنما علم الأشياء لأنه مبدؤها وسببها، والعلم بالسبب يوجب العلم بالمسبب، ومن المعلوم أنه مبدع للأمور المعينة المشخصة الجزئية، كالأفلاك المعينة والعقول المعينة، وأول الصادرات عنه –على أصلهم- العقل الأول، وهو معين، فهل يكون من التناقض وفساد العقل في الإلهيات أعظم من هذا؟
130
[تكلم عن سوفسطا وأهل السفسطة]
134
وهذه الكليات المعقولة أعراض قائمة بالذات العاقلة، لا توجد إلا بوجودها وتعدم بعدمها
142
والتركيب يقع عندهم [الفلاسفة] كما ذكره ابن سينا وغيره وذكره الغزالي عنهم في تهافت الفلاسفة وغيره على خمسة أنواع
أحدها: تركب الموجود من الوجود والماهية.
والثاني: تركب الحقيقة من الأمور العامة والخاصة كالوجود العام والوجوب الخاص.
والثالث: تركب الذات الموصوفة من الذات والصفات.
والرابع: تركب الذات القائمة بنفسها المباينة لغيرها المشار إليها من الجواهر المنفردة التي يقال إنها مركبة منها.
والخامس: تركبها من المادة والصورة التي يقال إنها مركبة منها.
153
[الرازي] فإنا بالبديهة نعلم أن الشيء ما لم يوجد لا يكون شيئا [كذا ولعل الصواب سببا] لوجود غيره، ونعلم أن لا استبعاد في أن يكون الشيء موجودا / من ذاته
154
وهؤلاء كثيرا ما تشتبه عليهم العلل بالشروط في مسائل الدور والتسلسل وغير ذلك، ويجعلون الملزوم علة كما يقولون: إن ماهية الثلاثة والأربعة علة للفردية والزوجية، فيجعلون ذات الشيء علة لصفته اللازمة له، وأن فاعل الذات فاعل صفتها، فإن الدور في الشروط بمعنى توقف كل من الأمرين على وجود الآخر معه ممكن واقع وهو الدور المعي الاقتراني وأما الدور في العلل وهو أن يكون كل من الأمرين علة للآخر ومبدعا له فهذا ممتنع باتفاق العقلاء.
156
وإما أن يقال: الوجود مشترك في الخارج ولكن الماهية هي المختصة التي تميز وجودا عن غيره، وهذا هو الذي يحكيه الرازي عن أبي هاشم وغيره، وهو غلط عليهم، كما غلط على الأشعري وأبي الحسين / حيث حكى عنهم أن لفظ الوجود مقول بالاشتراك اللفظي، وهذا الغلط منه حيث ظن أن الكلي الذي هو مورد التقسيم يكون ثابتا مشتركا في الخارج، وهذا أصل للمنطقيين يخالفهم فيه أئمة الكلام بحسب ما فهمه من كلام أهل المنطق فغلط.
170
وقد رأيت من هؤلاء [الحلولية] أيضا غير واحد، وجرت بيننا وبينهم محنة معروفة
[المحقق: محنة كذا بالأصل]
[قلت: ما الإشكال فيه، فقد جرت لابن تيمية كثير من المحن في مناظراته مع مخالفيه]
172
فليس الفرق بين الغيب والشهادة هو الفرق بين المحسوس والمعقول.
فهذا أصل ينبغي معرفته فإنه بسبب هذا وقع من الخلل في كلام طوائف ما لا يحصيه إلا الله تعالى، كصاحب الكتب المضنون بها، وصاحب الملل والنحل وطوائف غيرهم.
200
ولهذا تفرق اللغة والشرع بين هذا وهذا، وتجعل هذا جنسا مخالفا لهذا في جميع الأحكام، بخلاف ما إذا كانت حقيقته باقية وقد تبدلت أعراضها، فالحكم المعلق بالذهب والفضة إذا تعلق بعينه – كالربا مثلا – هو ثابت فيه وإن تغيرت صوره وأشكاله، فسواء كان مجتمعا / مضروبا، أو مصوغا على أي صورة كان، أو مفترقا بالانكسار، بخلاف حكمه لما كان ترابا في المعدن قبل أن يصير ذهبا وفضة.
208
وهذا مما يبين أنه لا يجوز معارضة كتاب الله إلا بكتاب الله، لا يجوز معارضته بغير ذلك.
222
فمن نظر فيما بأيدي أهل الكتاب من التوراة والإنجيل علم علما يقينا لا يحتمل النقيض أن هذا وهذا جاءا من مشكاة واحدة، لا سيما في باب التوحيد والأسماء والصفات، فإن التوراة مطابقة للقرآن موافقة له موافقة لا ريب فيها.
228
فإن قيل: فما ذكرتموه قد يشعر بأنه ليس لأحد أن يعارض حديثا ولا يستشكل معناه، وقد كان الصحابة يفعلون ذلك
[ثم أجاب]
231
.... لم ننكر أنهم كانوا يعارضون نصا بنص آخر، وإنما أنكرنا معارضة النصوص بمجرد عقلهم
238
وقد يقال: إن مثل هذا لا يقال إلا توقيفا، لكن لا بد من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول وما ثبت من كلام غيره، سواء كان من المقبول أو المردود.
243
¥