يبين ذلك أن عمدة النفاة على أنه لو ثبتت هذه الصفات من العلو والمباينة ونحو ذلك للزم أن يكون جسما، وكون الواجب القديم جسما ممتنع. وهذه المقدمة هي نظرية باتفاقهم
[المحقق: نظرية: كذا في الأصل، ولعل الصواب: فطرية، وسيأتي قول ابن تيمية بعد قليل وفيه: علم أنها ليست مقدمات فطرية ضرورية .. إلخ]
[قلت: الصواب ما في الأصل، وكلام المحقق متناقض]
189
وهذا يقوله من يقول: إنه أحدث الحوادث بتخليق قديم أزلي قائم بذاته، كما تقول ذلك طوائف من المسلمين
193
وأيضا فاتفاق العدد الكثير على تعمد الكذب الذين يعلمون أنه كذب يجوز إذا كان ذلك عن تواطئ [كذا] منهم، وأما اتفاق الخلق الكثير على الكذب خطأ، فهو ممكن بالنظر والأمور الضرورية فقد يعبر عنها بعبارات فيها إجمال واشتباه، يظن كثير من الناس أن مفهومها لا يخالف الضرورة، وإنما يعلم أنها مخالفة للضرورة من ميز بين معانيها وفصل المعنى المخالف للضرورة من غيره، فإذا كان قد سبق قليل من الناس إلى اعتقاد خطأ يتضمن مخالفة الضرورة، كان هذا جائزا باتفاق العقلاء، فإن السفسطة تجوز على الطائفة القليلة تعمدا، فكيف خطأ؟!
فإذا تلقى تلك الأقوال عن أولئك السابقين إليها عدد آخرون واشتهرت بين من اتبعهم فيها صاروا متواطئين على قبولها، لما فيها من الاشتباه والإجمال، مع تضمنها مخالفة الضرورة، وإن كان كثير من القائلين بها أو أكثرهم لا يعلمون ذلك، وهذا هو السبب في اتفاق / طوائف كثيرة على مقالات يعلم أنها باطلة بضرورة العقل، كمقالات النصارى والرافضة والجهمية.
210
الرد على أهل الباطل لا يكون مستوعبا إلا إذا اتبعت السنة من كل الوجوه، وإلا فمن وافق السنة من وجه وخالفها من وجه طمع فيه خصومه من الوجه الذي خالف فيه السنة واحتجوا عليه بما وافقهم عليه من تلك المقدمات المخالفة للسنة.
وقد تدبرت عامة ما يحتج به أهل الباطل على من هو أقرب إلى الحق منهم، فوجدته إنما تكون حجة الباطل قوية لما تركوه من الحق الذي / أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه، فيكون ما تركوه من ذلك الحق من أعظم حجة المبطل عليهم، ووجدت كثيرا من أهل الكلام الذين هم أقرب إلى الحق ممن يردون عليه يوافقون خصومهم تارة على الباطل ويخالفونهم في الحق أخرى، ويستطيلون عليهم بما وافقوهم عليه من الباطل وبما خالفوهم فيه من الحق، كما يوافق المتكلمة النفاة للصفات أو لبعضها كالعلو وغيره لمن نفى ذلك من المتفلسفة وينازعونهم في مثل بقاء الأعراض أو مثل تركيب الأجسام من الجواهر المنفردة أو وجوب تناهي جنس الحوادث ونحو ذلك.
231
[ابن رشد] ولو كان الشيء إنما يرى من حيث هو موجود فقط، لوجب أن تبصر الأصوات وسائر المحسوسات الخمس، فكان يكون البصر والسمع وسائر الحواس الخمس حاسة واحدة، وهذا كله خلاف ما يعقل، وقد اضطر المتكلمون لمكان / هذه المسألة وما أشبهها إلى أن يسلموا أن الألوان ممكنة أن تسمع والأصوات ممكنة أن لا تسمع [كذا والصواب أن ترى] وهذا كله خروج عن الطبع وعما يمكن أن يعقله الإنسان
234
[ابن رشد] ولولا النشأ على هذه الأقاويل وعلى التعظيم للقائلين بها لما أمكن أن يكون فيها شيء من الإقناع، ولا وقع بها التصديق لأحد سليم الفطرة
239
وابن رشد يذم أبا حامد من الوجه الذي يمدحه به علماء المسلمين ويعظمونه عليه ويمدحه من الوجه الذي يذمه به علماء المسلمين، وإن كانوا قد يقولون إنه رجع عن ذلك، لأن أبا حامد يخالف الفلاسفة تارة ويوافقهم أخرى، فعلماء المسلمين يذمونه بما وافقهم فيه من الأقوال المخالفة للحق الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم الموافقة لصحيح المنقول وصريح المعقول، كما وقع من الإنكار عليه أشياء في كلام رفيقه أبي الحسن المرغيناني وأبي نصر القشيري وأبي بكر الطرطوشي وأبي بكر بن العربي وأبي / عبد الله المازري وأبي عبد الله الذكي، ومحمود الخوارزمي وابن عقيل وأبي البيان الدمشقي ويوسف الدمشقي وابن حمدون القرطبي القاضي وأبي الفرج بن الجوزي وأبي محمد المقدسي وأبي عمرو بن الصلاح وغير واحد من علماء المسلمين وشيوخهم.
247
فالفارابي لون، وابن سينا لون، وأبو البركات صاحب المعتبر لون، وابن رشد الحفيد لون، والسهروردي المقتول لون، وغير هؤلاء ألوان أخر
248
دلائل الحق وبراهينه تتعاون وتتعاضد لا تتناقض وتتعارض
267
¥