أنتم تقولون: لم يقم دليل عقلي على نفي النقص عن الله تعالى، كما ذكر ذلك الرازي متلقيا له عن أبي المعالي وأمثاله، وإنما ينفون النقص بالأدلة السمعية، وعمدتهم فيه على / الإجماع، وهو ظني عندهم
333
فإنه إذا كان عمدتهم الإجماع، فلا إجماع في موارد النزاع، ولا يجوز الاحتجاج بإجماع في معارضة النصوص الخبرية بلا ريب، فإن ذلك يستلزم انعقاد الإجماع على مخالفة النصوص، وذلك ممتنع في الخبريات، وإنما يدعيه من يدعيه في الشرعيات، ويقولون: نحن نستدل بالإجماع على أن النص منسوخ.
340
وقد ذُكر أن بعض المشايخ سئل عن تقريب ذلك إلى العقل، فقال للسائل: إذا كان باشق كبير، وقد أمسك برجله حمصة أليس يكون ممسكا لها في حال طيرانه، وهو فوقها ومحيط بها؟ فإذا كان مثل هذا ممكنا في المخلوق، فكيف يتعذر في الخالق؟
343
ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا من هو من مشايخهم، وهو يطلب مني حاجة وأنا أخاطبه في هذا المذهب كأني غير منكر له، وأخرت قضاء حاجته حتى ضاق صدره، فرفع طرفه ورأسه إلى السماء، وقال: يا الله، فقلت له: أنت متحقق، لمن ترفع طرفك / ورأسك؟! وهل فوق عندك أحد؟! فقال: أستغفر الله، ورجع عن ذلك لما تبين له أن اعتقاده يخالف فطرته، ثم بينت له فساد هذا القول، فتاب من ذلك، ورجع إلى قول المسلمين المستقر في فطرهم.
[تظهر هنا خبرة شيخ الإسلام التربوية الناجحة، فجزاه الله خيرا]
345
وإذا قيل: إن الحكم الواحد بالنوع يجوز أن يعلل بعلتين مختلفتين كما يعلل حل الدم بالردة والقتل والزنا، وكما يعلل الملك بالإرث والبيع والاصطياد وكما يعلل وجوب الغسل بالإنزال والإيلاج والحيض، فالوجوب الثابت بهذا السبب ليس هو بعينه الوجوب الثابت بهذا السبب، لكنه نظيره، مع أنهما يختلفان بحسب اختلاف الأسباب، فليس الملك الثابت بالإرث مساويا للملك الثابت بالبيع من كل وجه، بل له خصائص يمتاز بها عنه، وكذلك حل الدم الثابت بالردة ليس مساويا لحل الدم الثابت بالقتل، بل بينهما فروق معروفة.
وكذلك الغسل المشروع بالحيض مخالف للغسل المشروع بالإيلاج من بعض الوجوه، وأما الإنزال والإيلاج فهما نوع واحد.
347
فإن كل قول يكون أبعد عن الحق / تكون حجج صاحبه أضعف من حجج من هو أقل خطأ منه.
وقول المعطلة لما كان أبعد عن الحق من قول المجسمة، كانت حجج أهل التعطيل أضعف من حجج أهل التجسيم، ولما كان مرض التعطيل أعظم كان عناية الكتب الإلهية بالرد على أهل التعطيل أعظم، وكانت الكتب الإلهية قد جاءت بإثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، مع تنزيهه عن أن يكون له فيها مثيل، بل يثبتون له الأسماء والصفات وينفون عنه مماثلة المخلوقات، ويأتون بإثبات مفصل ونفي مجمل
350
فأنت [أي الرازي] في غير موضع من كتبك ومن تقدمك كالغزالي وغيره تبينون فساد حجج المتكلمين على أن كل جسم محدث، وتقدحون فيها بما لا يمكن إبطاله، كما فعلت في المباحث المشرقية والمطالب العالية، بل كما فعل من بعدك كالآمدي والأرموي وغيرهما، وأنتم في مواضع أخر تقدحون في حجج من احتج على أن الجسم مركب وكل مركب فهو مفتقر بذاته، وتقدحون في أدلة الفلاسفة التي احتجوا بها على إمكان كل مركب كما فعل ذلك الغزالي في تهافت الفلاسفة وكما فعله الرازي والآمدي وغيرهما.
[انتهت الفوائد المنتقاة من المجلد السادس بحمد الله]
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[16 - 01 - 09, 06:36 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 01 - 09, 11:06 م]ـ
[المجلد السابع]
3
والقول بأن الفلك مستدير هو قول جماهير علماء المسلمين، والنقل بذلك ثابت عن الصحابة والتابعين، بل قد ذكر أبو الحسين بن المنادي وأبو محمد بن حزم وابن الجوزي وغيرهم أنه ليس في ذلك خلاف بين الصحابة والتابعين وغيرهم من علماء المسلمين، وقد نازع في ذلك طوائف من أهل الكلام والرأي من الجهمية والمعتزلة وغيرهم.
9
ألا ترى أن الأرض مع قولهم: إنها كرية فإن هذه الجهة التي عليها الحيوان والنبات والمعدن أشرف من الجهة التي غمرها الماء؟
10
وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من ليلة إلا والبحر يستأذن ربه في أن يغرق بني آدم فيمنعه ربه
[المحقق: لم أجد هذا الحديث]
12
¥