وأما ما ذكره من أن الحجاج الذي في القرآن يكتفي به العامي وإن لم يكن فيه الغلبة والفلج فهذا الكلام يقوله مثل هذا الرجل [أبو الحسن الطبري المعروف بالكيا] وأمثاله من أهل الكلام الجاهلين بحقائق ما جاء به التنزيل وما بعث به الرسول، حتى قد يقول بعضهم: إن الطريقة البرهانية ليست في القرآن، وهؤلاء جهلهم بمعاني الأدلة البرهانية التي دل عليها القرآن كجهلهم بحقائق ما أخبر به القرآن، بل جهلهم بحقائق ما دل عليه الشرع من الدلائل العقلية والمطالب الخبرية أعظم من جهلهم بما سلكوه من الطرق البدعية التي سموها عقلية.
وقد رأيت في كلام هذا الرجل وأمثاله من ذلك عجائب يخالفون بها صريح المعقول مع مخالفتهم لصحيح المنقول، ونقص علمهم وإيمانهم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
362
وقد بينا في غير هذا الموضع أن الطرق التي جاء بها القرآن هي الطرق البرهانية التي تحصّل العلم في المطالب الإلهية
366
اللات لأهل المدينة، والعزى لأهل مكة، ومناة الثالثة الأخرى لأهل الطائف
[ينظر كتاب الأصنام لابن الكلبي ص 27]
369
وليس في الموجودات ما يكون وحده مولدا لشيء، بل قد خلق الله تعالى من كل شيء زوجين، وهو سبحانه الفرد الذي لا زوج له.
370
وإلا فالسمندل والياقوت وغيرهما لما لم تكن فيه قوة القبول لم تحرقه النار
371
وكذلك النظار يقولون: النتيجة لا تكون إلا عن مقدمتين ويشبهون حصول النتيجة عن المقدمتين بحصول النتاج عن الأصلين من / الحيوان لأن هذين أصلان في التوليد وهذين أصلان في التولد
372
وقال تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون} حتى أنه استدل بهذا طائفة من الفقهاء على أن ولد الإنسان يعتق عليه إذا ملكه، فلا يكون عبده من هذه الآية لأنه سبحانه بين تنافي التوليد والتعبيد.
[في هذا إشارة إلى أن معرفة النصوص الشرعية جميعها مهم للمجتهد، لا نصوص الأحكام فقط كما ذكر بعض الأصوليين]
376
فخذ أربعة من الطير ... فأمره بخلط الأطيار الأربعة مثلا مضروبا لاختلاط الأخلاط الأربعة
381
ومن المستقر في بدائه العقول أن خلق السموات والأرض أعظم من خلق الآدميين، فإذا كان فيها من الدلالة على علم خالقها وقدرته وحكمته ما بهر العقل أفلا يكون ذلك دالا على أنه قادر على إحياء الموتى لا يعيى بذلك كما لم يعي بالأول بطريق الأولى والأحرى؟
381
وهؤلاء المبتدعون يجهلون حقائق ما جاء به الرسول، ويعرضون عنه، ثم يحكمون بموجب جهلهم أن ليس في ذلك من البراهين من / جنس ما في كلامهم، ولو أوتوا العقل والفهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لتبينوا أنه الجامع لكل خير.
384
والملاحدة المنكرون للمعاد تعود شبههم كلها إلى ما ينفي علم الرب تعالى أو قدرته أو مشيئته أو حكمته، ونفي العي يثبت هذه الصفات، فتنتفي أصول شبههم
390
كما قال عمر رضي الله عنه: النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته.
394
ولما كان الطريق إلى الحق هو السمع والعقل، وهما متلازمان كان من سلك الطريق العقلي دله على الطريق السمعي، وهو صدق الرسول، ومن سلك الطريق السمعي بين له الأدلة العقلية كما بين ذلك القرآن، وكان الشقي المعذب من لم يسلك لا هذا ولا هذا، كما قال أهل النار {لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}
[هذه الآية من أوضح الأدلة على أن العقل والنقل لا يتعارضان؛ لأن (أو) تفيد أن أيا من الطريقين ينتهي إلى النتيجة نفسها]
404
والسفسطة حال يعرض لكثير من الناس إما عمدا وإما خطأ، وكثير من الناس قد ينازع في كثير من القضايا البديهية والمعارف الفطرية في الحسيات والحسابيات وكذلك في الإلهيات ومن تأمل ما يحكيه الناس من المقالات عن الناس في العلوم الطبيعية والحسابية رأى عجائب وغرائب، وبنو آدم لا ينضبط ما يخطر لهم من الآراء والإرادات فإنهم جنس عظيم التفاوت ليس في المخلوقات أعظم تفاضلا منه خيارهم خير المخلوقات عند طائفة أو من خيرها عند طائفة وشرهم شر المخلوقات أو من شرها.
422
لفظ الضرورة فيه إجمال فقد يراد به ما يضطر إليه الإنسان من المعلومات الظاهرة المشتركة بين الناس وقد يراد به ما يحصل في نفسه بدون كسبه، وقد يراد به ما لا يقبل الشك وقد يراد به ما يلزم نفس الإنسان لزوما لا يمكن الانفكاك عنه.
¥