تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضا فإن هذين هما متناهيان من أحد الطرفين وهو الطرف المستقبل وغير متناهيين من الطرف الآخر وهو الماضي وحينئذ فقول القائل يلزم التفاضل فيما لا يتناهى غلط فإنه إنما حصل في المستقبل وهو الذي يلينا وهو متناه ثم هما لا يتناهيان من الطرف الذي لا يلينا وهو الأزل وهما متفاضلان من الطرف الذي يلينا وهو طرف الأبد.

فلا يصح أن يقال وقع التفاوت فيما لا يتناهى إذ هذا يشعر بأن التفاوت حصل في الجانب الذي لا آخر له وليس الأمر كذلك بل إنما حصل التفاضل من الجانب المنتهى الذي له آخر فإنه لم ينقض.

منهاج السنة (1

433)

وقال: ومما يجاب به عن هذه الحجة - وهي أشهر حججهم - أن يقال: لا نسلم إمكان التطبيق فإنه إذا كان كلاهما لا بداية له وأحدهما انتهى أمس والآخر انتهى اليوم: كان تطبيق الحوادث إلى اليوم على الحوادث إلى الأمس ممتنعا لذاته فإن الحوادث إلى اليوم أكثر فكيف تكون إحداهما مطابقة للأخرى؟ فلما كان التطبيق ممتنعا جاز أن يلزمه حكم ممتنع.

درء التعرض (1

410)

5 - قياس الماضي على الأبد (المستقبل)

قال رحمه الله: وأما القائلون بامتناع مالا يتناهى وإن عدم بعد وجوده فمنهم من قال به في الماضي والمستقبل كقول جهم وأبي الهذيل ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل وهو قول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم قالوا لأنك إذا قلت لا أعطيك درهما إلا أعطيك بعده درهما كان هذا ممكنا ولو قلت لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما كان هذا ممتنعا وعلى هذا اعتمد أبو المعالي في إرشاده وأمثاله من النظار وهذا التمثيل والموازنة ليست صحيحة بل الموازنة الصحيحة أن تقول ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما فتجعل ماضيا قبل ماض كما جعلت هناك مستقبلا بعد مستقبل.

وأما قول القائل لا أعطيك حتى أعطيك فهو نفي للمستقبل حتى يحصل مثله في المستقبل ويكون قبله فقد نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل وهذا ممتنع لم ينف الماضي حتى يكون قبله ماض فإن هذا ممكن والعطاء المستقبل ابتداؤه من المعطى والمستقبل الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله مالا نهاية له فإن وجود مالا نهاية له فيما يتناهى ممتنع.

منهاج السنة (1

436)

وقال: وقد ذكر بعض الناس بين الماضي والمستقبل فرقا بمثال ذكره كما ذكره صاحب الإرشاد وغيره وهو أن المستقبل بمنزلة ما إذا قال قائل: لا أعطيك درهما إلا أعطيتك بعده درهما وهذا كلام صحيح والماضي بمنزلة لا أعطيك درهما إلا أعطيتك قبله درهما وهذاكلام متناقض

لكن هذا المثال ليس بمطابق لأن قوله: (لا أعطيك) نفي للحاضر والمستقبل ليس نفيا للماضي فإذا قال (لا أعطيك هذه الساعة أو بعدها شيئا إلا أعطيتك قبله شيئا) اقتضى أن لا يحدث فعلا الآن حتى يحدث فعلا في الزمن الماضي وهذا ممتنع أو بمنزلة أن يقول: (لا أفعل حتى أفعل) وهذا جمع بين النقيضين وإنما مثاله أن يقول: ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما فكلاهما ماض فإذا قال القائل: (ما يحدث شيء إلا ويحدث بعده شيء) كان مثاله أن يقول: ما حدث شيء إلا حدث قبله شيء لا يقول لا يحدث بعده شيء) كان مثاله أن يقول: ما حدث شيء إلا حدث قبله شيء لا يقول (لا يحدث في المستقبل شيء إلا حدث قبله شيء) وكل ما له ابتداء وانتهاء كعمر العبد يمتنع أن يكون فيه عطاء لا انتهاء له أو عطاء لا ابتداء له وإنما الكلام فيما لم يزل ولا يزال.

درء التعارض (1

406)

وقال رحمه الله: وكثير منهم فرق بين الماضي والمستقبل بأن هذا دخل في الوجود وهذا لم يدخل فهذا يمكن فيه التطبيق بخلاف هذا

وهذا فرق ضعيف لوجهين أحدهما أن الماضي عدم فلا يمكن فيه التطبيق كما ذكروه والثاني أن دليلكم دليل التطبيق والموازاة مبناه على أن ما لا يتناها لا يكون بعضه أكثر من بعض.

قالوا فإذا فرضنا الحوادث من الطوفان والحوادث من الهجرة وطبقنا بينهما فإن تساويا لزم أن يكون الزائد كالناقص وهو محال وإن تفاضلا لزم فيما لا يتناهى أن يكون بعضه أزيد من بعضه قالوا وهذا محال.

فقيل لهم هذا ينقض عليكم بالحوادث في المستقبل فإن الحوادث المستقبلة من الطوفان أزيد منها في الهجرة ففرق بعضهم بأن ذاك وجد وهذا لم يوجد وهو فرق ضعيف كما ترى

ثم قال: ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل

فإنك إذا قلت لا أعطيتك درهما إلا أعطيتك آخر كان ممكنا وإذا قلت لا أعطيك درهما حتى أعطيك درهما كان غير ممكن هذا ذكره صاحب الإرشاد وغيره وليس هو بتمثيل مطابق إنما المطابق أن يقال ما أعطيتك درهما إلا وقد أعطيتك قبله درهما فأما إذا قال لا أعطيك حتى أعطيك فهنا نفى المستقبل حتى يحصل المستقبل

والمقصود أن ما هو إثبات ماض قبله ماض لا إثبات مستقبل قبله مستقبل فالتقديرات أربعة مستقبل بعده مستقبل وماض قبله ماض ومستقبل قبله مستقبل وماض بعده ماض فهذان متماثلان وذانك متماثلان والممتنع هنا ذانك لا هذان.

الصفدية (2

33)

اعتراف الأشاعرة بضعف هذا البرهان

وفي قدم العالم لكاملة الكواري: ولهذا فإن التفتازاني لما وجد صعوبة في بيان برهان التطبيق لإبطال حوادث لا أول لها قال: " والحق أن تحصيل الجملتين من سلسلة واحدة ثم مقابلة جزء من هذه بجزء من تلك إنما هو بحسب العقل دون الخارج، فإن كفى في تمام الدليل حكم العقل بأنه لابد أن يقع بإزاء كل جزء جزء أو لا يقع، فالدليل جار في الأعداد وفي الموجودات المتعاقبة والمجتمعة والمترتبة وغير المترتبة، لأن للعقل أن يفرض ذلك في الكل، وإن لم يكف ذلك بل اشترط ملاحظة أجزاء الجملتين على التفصيل لم يتم الدليل في الموجودات المترتبة فضلاً عما عداها، لأنه لا سبيل إلى ذلك إلا فيما لا يتناهى من الزمان "

وقال الظواهري بعد نقل كلام التفتازاني " وبعد ما تقدم صار التطبيق غير متفق عليه في إبطال التسلسل وإن قيل إنه العمدة.

قدم العالم (110)

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير