هذا الظلام الساقط علينا يذهب بمشعلٍ نضيئه.
هذا الظلام الساقط علينا له منطلقات وأهداف غير منطلقاتنا وأهدافنا. وإنه يكذب علينا، ويغرر بضعافنا.وإنه يخوض تجربةً خاضها كثيرون قبله ولم ينجحوا.
إنه ينادي بديمقراطية تعني الحكم بغير ما أنزل الله، وإن نموذجه الذي يدعو إليه شاخص أمام أعيوننا تشيع فيه الفاحشة، وقطيعة الرحم، وسوء الجوار، والمال دولة بين الأغنياء، وبأيديهم يقتلون الأبرياء، فماذا جنينا من الديمقراطية وقد رحب بها السابقون؟ تحدثك العراق والأفغان والصومال وأبو غريب وجونتانامو.
فلنا أن نسأله وحقنا عليه أن يجيب: مثل من يريد منا أن نكون؟ إن كل الأمثلة شاخصة أمام أعيننا وكلها سيئة لا يرضى به مسلم، و والله ولا عاقل!!
وإنه لا يملك نموذجاً يقدمه لنا، فهو يعترف بأن كل الديمقراطية غير مرضية، ومع ذلك يدعوا إليها!! .. إنه عوج في التفكير.
وإنه يتكلم عن دنيا، (والله يريد الآخر). فنحن نعبد الله وندعو الناس لعبادة الله، نطلب بذلك رضوان الله. والدنيا لم تكن يوماً هدفاً بل وسيلة.
وإنه يكذب علينا ويقول بأن رؤوسَنا وولاة أمورنا كهان وسحرة. والكهانة تعني الانفراد بأمر الدين، وتعني أن مصدره الشياطين، وتسمع الكهانة فلا يأتي بخاطرك سوى الظلام والاستبداد والجهل والتخلف وتنقلك ظلال الكلمة إلى الجاهلية الوثنية.
وأين هذا منا؟
أرني عالماً لم يرد عليه؟!
أرني مُبرزاً في الناس لا يرد عليه؟
ألسنا من نردد وننفذ (كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم)؟
وشريعتنا ليست شريعة الكهان، وإنما تنزيل رب العالمين نزل بها الروح الأمين على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين.
فأين الكهانة؟!
وإنه يدغدغ مشاعر الضعفاء، ويمنيهم بنور يبدد الظلام، وعلينا أن نتحدث للناس، نبين لهم أنها تجربة فاشلة، وأنها كاذبة خاطئة.
من الخطأ جداً أن نشخص هذه الحالة على أنها رأي جديد يتطلب الرد عليه برأي آخر، فهو كلام مكرور، وليس كل قول يتطلب الرد عليه بقول مماثل، ومن الخطأ تماماً أن يقتصر التشخيص على شخص المتكلم، بل عند التدقيق لا تكاد تنظر للمتكلم إلا أنه مستفعلن أو مُفعَّلُن من قبل الناطقين بـ (العربية).
ـ مِنْ قبلُ خرج الشاذون فكرياً ـ قاسم أمين وطه حسين وعلي عبد الرازق وأمثالهما ـ على الأمة المصرية المسلمة بآرائهم الغريبة البغيضة، ولفظتها الأمة كلها، حتى أنك تعد المؤيدين لهم عدَّا، وتَجَمَّعَ أهل العلم والخير للرد عليهم بأقلامهم وألسنتهم، ولم يفلح شيء من هذا. ذلك لخطأ في التشخيص يومها لم يفهم إلا متأخراً.!
ظن القوم أن المعركة داخلية وأن أفراد منا خرجوا علينا، ولذا توجهوا إليهم بأقلامهم وألسنتهم، ولم يكن الأمر كذلك، كانت المواجهة مع الآخر، وكان هؤلاء الشاذون فكرياً أداة بأيديهم يحاربوننا بهم، هم الذين صنعوهم .. أو اكتشفوهم .. وهم الذين فعَّلُوهم .. وهم الذين مكَّنوهم ثم رحلوا وتركوهم لنا بعد أن شبُّوا واشتدوا.
بان بالتجربة أن الآخر هو الفاعل، وأصحاب الشذوذ الفكري هم المفعلون.
بان من التجربة أن الرد العلمي وحده لا يكفي.ولا أقلل من أهميته وضرورة أسبقيته!!
بان بالتجربة أن الذي صدَّ المد العلماني في مصر هو سيد قطب ثم الدعوة السلفية القادمة من الجزيرة العربية. ونجحت الدعوة السلفية المنبثقة من مصر والقادمة من نجد في صد المد العلماني حين أقامت واقعاً يتحرك بين الناس، حين اتجهت إلى الناس تعلمهم وتربيهم على ما كان عليه سلفنا الصالح.
إن الرد الحقيقي على هؤلاء الشاذين فكرياً .. المفعَّلين .. وعلى من ورائهم (الفاعلين الحقيقيين) في حلقات التحفيظ، وفي الطاهرات الطيبات العفيفات اللاتي يربين أبنائهن على الفضيلة. وفي الوجوه البيضاء التي تدعو الناس بفعالها قبل أقوالها. وكشف عوارهم وسوء مقالهم جزء من الرد.
محمد جلال القصاص
ليلة السبت 14/ 2/2008
==================
(1) انظر تقديم الشيخ رفاعي سرور ـ حفظه الله ـ لكتاب الكذاب اللئيم زكريا بطرس.
(2) البخاري / 3885
ـ[ناصر السبيعي]ــــــــ[17 - 02 - 09, 09:27 ص]ـ
شكراً الأستاذ الجليل محمد جلال، حقيقة مقال جميل.
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[17 - 02 - 09, 06:00 م]ـ
الحمد لله
جزاكم الله خيراً
ـ[أم حارث وهمام]ــــــــ[17 - 02 - 09, 09:49 م]ـ
بارك الله فيك ياشيخ ونفع بك
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[18 - 02 - 09, 10:43 ص]ـ
وبارك فيكم ونفع بكم.
جزاكم الله خيرا