قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان (ج 4 ص 506 و 507) عند تفسير هذه الآية ما ملخصه ((هذه الآية تدل على لزوم إعفاء اللحية، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها، فإذا عرفت أن هارون كان موفور لحيته بدليل قوله لأخيه ((لا تأخذ بلحيتي)) لأنه لو كان حالقاً لما أراد أخوه الأخذ بلحيته، تبين لك من ذلك الإيضاح إن إعفاء اللحية سمت من السمت الذي أمرنا به القرآن العظيم وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم) اهـ.
- ذكر الدليل على أن إعفاء اللحى من الفطرة:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحى، والسواك .. الحديث)
ذكر أقوال العلماء في تحريم حلق اللحى:
صرح الفقهاء رحمهم الله تعالى بتحريم حلق اللحي، وأطلق بعضهم الكراهة، وهي عندهم تطلق على المحرمات لأن المتقدمين يعبرون بالكراهة عن التحريم:
*قال أبن حزم في مراتب الإجماع (ص 157): (واتفقوا أن حلق جميع اللحية مثلة لا تجوز) اهـ.
*قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الإختيارات العلمية (ص 6): (ويحرم حلق اللحية) اهـ.
*وقال الشيخ محمد إسماعيل في أدلة تحريم حلق اللحى (ص 96):
وقال الشيخ أحمد بن قاسم العبادي – من أعيان الشافعية – ما نصه: (قال أبن رفعة في حاشية الكافية: إن الإمام الشافعي قد نص في الأم على تحريم حلق اللحى، وكذلك نص الزركشي والحليمي في شعب الإيمان وأستاذه القفال الشاشي في محاسن الشريعة على تحريم حلق اللحية) اهـ
*وقال القرطبي: (لا يجوز حلقها ولا قصها ولا نتفها) اهـ
*وقال الشيخ علي الاثري في حكم الدين في اللحية والتدخين (ص29):وقال السفاريني من أعيان الحنابلة ما نصه: (المعتمد في المذهب، حرمة حلق اللحية).اهـ
*وقال ابن عابدين من أعيان الحنفية في رد المحتار (ج2ص418) ما نصه: (ويحرم على الرجل قطع لحيته ـأي حلقها).1هـ
*وسئل شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم حلق اللحية (ص29فقال ما نصه: (حلق اللحية محرم لأنه معصية لرسول الله صلىالله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعفوااللحى وحفوا الشوارب ولأنه خروج عن هدي المرسلين إلى هدي المجوس والمشركين).1هـ
*وقال الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص211): (وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها).اهـ
*وقال الشيخ صالح الفوزان في البيان (ص312): (أن الأحاديث الصحيحة يعني في اللحية تدل على حرمة حلق اللحية).1هـ
*وقال العراقي في التثريب (ج2ص83): (واستدل الجمهورعلىأن الأولى ترك اللحية على حالها،وأن لايقطع منها شيء،وهو قول الشافعي وأصحابه).1هـ
*وقال البخاري في صحيحه (ج10ص351): (وعفوا كثروا وكترت أموالهم).1هـ
*وقال النووي في شرح صحيح مسلم (ج3ص149): (وأما إعفاء اللحية فمعناه توفيرها).1هـ
*إذا الإعفاء هو الترك من عفا الشيء إذا زاد وكثر.
*قال العراقي في طرح التثريب (ج2 ص83): (واستدل الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها، وأن لا يقطع منها شيء، وهو قول الشافعي واصحابه) اهـ.
*وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقه على كتاب وجوب إعفاء اللحية (ص 21): والصواب وجوب إعفاء اللحية وإرخائها وتحريم أخذ شيء منها ولو زاد على القبضة سواء كان في حج أو عمرة أو غير ذلك، لأن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على ذلك ولا حجة فيما روي عن عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم لأن السنة مقدمة على الجميع ولا قول لأحد بخلاف السنة والله ولي التوفيق) اهـ.
الأحاديث التي ذكرناها ترد زعم أصحاب الأهواء الذين يقولون أنه لا حد ولا مقدار في اللحية، وأن من ترك الحلق أياماً بحيث يظهر الشعر على وجه الملتحي يكون ممتثلاً لأمره صلى الله عليه وسلم، وهذا خداع منهم لأنفسهم ولجميع المسلمين لأن الإعفاء والإرخاء والتوفير لا يحصل بالشعر القليل الذي يكون مثل الشعير او الأرز أو ما دون القبضة أو الأخذ بالقبضة، وظاهر الأحاديث و آثار الصحابة ولغة العرب والفطرة أن تترك بحالها ولا يتعرض لها بقطع وقص، وأقتصروا هم على الأخذ على مثل الشعير والأرزأو ما دون القبضة أو الأخذ بالقبضة ويزعمون أنهم اهتدوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وهم يستدلون بفعل ابن عمر في الأخذ من اللحية أو ما دون القبضة بيسير أو ما دون القبضة مثل الشعير أو الأخذ بالقبضة، وكان أبن عمر يخص الأخذ من لحيته في الحج والعمرة فقط كما تثبت الآثار الصحيحة عنه في ذلك وأقوال أهل العلم أن ابن عمر قد أجتهد في المسألة، وكان يعفي لحيته في غير حج وعمرة، وفعل ابن عمر رضي الله عنه لا يدل على جواز الأخذ من اللحية لا في حج ولا في غيره كما بين الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله تعالى في تعليقه على وجوب إعفاء اللحية (ص21) ثم إن الأخذ من اللحية لم يثبت فيه قول أو فعل رسول لله صلى الله عليه وسلم، والحجة في رواية الصحابي لا في رأيه كما هو مقرر في أصول الفقه فتنبه، وثم ما ذكر عن بعض الصحابة في الأخذ من اللحية كلها ضعيفة لا تصح.
والله ولي التوفيق.
م ن ق و ل
¥