ـ[أمير بوعسكر]ــــــــ[30 - 12 - 06, 08:58 ص]ـ
شُبه المحللين و المجوزين لحلق اللحى و الرد عليها و ذلك من كتاب (أدلة تحريم حلق اللحية) للشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم
الشبهة الأولى:
كون إعفاء اللحية من خصال الفطرة يدل على عدم وجوبها بدلالة اقترانه بما هو مستحب.
الجواب:
الصحيح أن يقال: إن كون إعفاء اللحية أحد خصال الفطرة لا يدل بذاته على الوجوب، و إنما يستفاد الوجوب من أدلة أخرى و دلالة الإقتران هنا لا تقوى على معارضة أدلة الوجوب، أما الاستدلال باقتران الإعفاء بغيره من خصال الفطرة الغير واجبة فمردود بأنه لا يمتنع قرن الواجب بغيره.
قال الامام النووي رحمه الله: (قد يقرن المختلفان كقول الله تعالى: ((كلوا من ثمره إذا أثمر و آتوا حقه يوم حصاده))
و الأكل مباح و الإيتاء واجب، و قوله تعالى: ((فكاتبوهم إن علمتم منهم خيرًا و آتوهم))، و الإيتاء واجب، و الكتابة سنة، و نظائره في الكتاب و السنة كثيره مشهورة)).
قال الحافظ: (نقل ابن دقيق العيد عن بعض العلماء أنه قال: ((دل الخبر على أن الفطرة بمعنى الدين، و الأصل فيما أضيف إلى الشيء أن يكون من أركانه لا من زوائده حتى يقوم دليل على خلافه، و قد ورد الأمر باتباع إبراهيم عليه السلام، و ثبت أن هذه الخصال -يعني خصال الفطرة- أمر بها إبراهيم عليه السلام، و كل شيء أمر الله باتباعه فهو على الوجوب لمن امر به)) قال الحافظ: و تعقب بأن وجوب الاتباع لا يقتضي وجوب كل متبوع فيه، بل يتم الأمر بالامتثال، فإن كان واجبًا على المتبوع كان واجبًا على التابع أو ندبًا فندب، فيتوقف ثبوت وجوب هذه الخصال على الأمة على ثبوت كونها واجبة على الخليل عليه السلام).
الشبهة الثانية:
قال بعضهم: الأمر الوارد في اللحية أمربإعفائها مخالفةً للمجوس، و المخالفة علة معقولة المعنى، و من الممكن أن تزول العلة فيزول المعلول، و بعبارة أخرى يقولون: إن كثيرًا من المشركين اليوم يعفون لحاهم فينبغي لكي نخالفهم ما دام المطلوب هو المخالفة.
و الجواب من وجوه:
الأول: ورد الأمر بإعفاءاللحية في بعض الأحاديث غير معلل بعلة المخالفة، ففي صحيح مسلم: (أمر بإحفاء الشوارب و إعفاء اللحى) و لم يذكر له علة.
الثاني: لا نسلم أن العلة الوحيدة في الأمر بإعفاء اللحى هي مخالفة المجوس بل ذلك بعض العلة، و من العلل أيضًا أن حلقها تغيير لخلق الله كما ذهب إليه بعض العلماء، و تشبه بالنساء و كلاهما منهي عنه متوعد فاعله باللعن.
الثالث: أن إعفاء اللحية من خصال الفطرة كما نص عليه الحديث، و هي طريقة الانبياء و سننهم، و هذه الفطرة لا تتبدل بتبدل الأزمان و انحراف البعض عنها.
قال السيوطي رحمه الله: (و أحسن ما قيل في الفطرة أنها السنة القديمة التي اختارها الأنبياء و اتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليها).
فإن أعفى المشركون لحاهم فقد سلمت فطرتهم في هذه الجزئية من سنن الفطرة و وافقوا فيها شرائع الأنبياء عليهم و على نبينا الصلاة و السلام و حينئذ تأتي المخالفة في وصف الفعل لا في أصلة كما يأتي إن شاء الله و على أي حال فإنه لا يسوغ لنا رفض ما شرعه الله لنا و فطرنا عليه لمجرد أن يتلبس به بعض المخالفين لنا في الدين.
الرابع: إن حلق المشركين لحاهم مع إطالتهم شواربهم، أو توفيرهما معًا. من هديهم الخاص بهم، و قد أفصح الحديث النبوي عن بعض علة هذا الحكمألا و هي تحريم التشبه بهم في خصائصهم فليس في وسع أحد أن يصرف النظر عن هذه العلة الصريحة بمجرد رأيه، و قد ذكر الإمام السندي في حاشيته على شرح السيوطي لسنن النسائي أن كثيرًا من السلف فهم أن حلقها شعار كثير من الكفرة، و هذا هو حال أكثرهم في هذا الزمان خلافًا لما يدعيه المعترض، بل ما نقلت، إلينا هذه السنة السيئة إلا من طريقهم.
¥