تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله، وهو طرف حديث صحيح وصله الإمام البخاري.

هي الجعالة كقوله من ردَّ آبقي فله كذا أو أن يقول رُدَّ عليَّ دابتي الضالة ولك كذا ويشترط فيها صيغة من الجاعل تدل على العمل بشرط كقوله من ردَّ عليَّ كذا فله كذا أو طلب كقوله رُدّ عليَّ كذا وخذ كذا بعوض مُلْتَزَمٍ لأن الجعالة معاوضة عمل بمال فلا بدَّ من صيغة تدل على المطلوب وقدر المال المبذول فلو عمل العامل بلا إذن أو يأذن من غير ذلك العوض أو بعد الإذن لكنه لم يعلمْ به أو أذن لشخص فعمل غيره فلا شيء له لأن الجاعل لم يلتزم له عوضاً فوقع عمله تبرعاً ولو قال أجنبي من ردَّ عبدَ زيدٍ فله كذا استحق الرادُّ العالمُ بذلك على الأجنبي لأنه التزم الجُعل وإن قال أجنبي قال زيد من ردَّ عبدي فله كذا من الدراهم أو الدنانير وكان الأجنبي كاذباً لم يستحق العاملُ عليه أي على الأجنبي ولا على زيد لعدم التزامهما بالمال وإن كان الأجنبي صادقاً استحق العامل الجُعل ولا يشترط قبولُ العاملِ لفظاً وإن عيّنه الجاعل بل يكفي العمل كالوكيل وتصح الجعالة على عمل مجهول وذلك في حالة عسر ضبط العمل كردِّ سيارتي الضائعة أو دابتي الضالة فإن سَهُلَ ضبط العمل تعين إذ لا حاجة إلى تحمل الجهالة كبناء حائط فيذكر محله وطوله وسمكه وارتفاعه وما يبنى به وخياطة ثوب فيصفه وكذا معلوم كمن أحضر لي كتبي من مدينة كذا أو خاط لي ثوبي والذي صفته كذا وكذا أو بنى لي داري والتي صفاتها كذا وكذا في الأصح لأنها إذا جازت مع الجهل فمع العلم أولى ويشترط كون الجعل معلوماً إذ لا حاجة إلى جهالته بخلاف العمل ويعلم الجعل إما بمشاهدة أو وصف فلو قال الجاعل من رده أي آبقي فله ثوب أو أرضية أو فله خنزير أو خمر فسد العقد لجهالة العوض أو لأن العوض لا قيمة له لنجاسته وللراد أجرة مثله كالإجارة الفاسدة ولو قال من رد لي عبدي من بلد كذا فله دينار مثلاً فرده من أقرب منه فله قسطه من الجعل لأن جعل كل الجُعل في مقابلة كل العمل فبعضه في مقابلة البعض فإن رده من نصف الطريق فله نصف الجعل أي نصف دينار إذا تساوت الطريق في السهولة والصعوبة والأمان والخوف وإلا يحسب كل بحسابه فلو كانت أجرة نصف المسافة ضعف أجرة النصف الآخر فيقابله ثلثا الجعل أي ثلثا دينار.

ولو اشترك اثنان في رده اشتركا في الجعل بالسوية أو ثلاثة فكذلك بحسب الرؤوس وإن تفاوت عملهم إذ أن عملهم لا ينضبط حتى يوزع الجُعْلُ على قدر العمل ولو التزم جُعْلاً لمعين كإن قال لزيد إن رددت إليَّ دابتي فلك دينار فشاركه غيره في العمل أي شارك آخرُ زيداً في العمل إن قصد إعانته مجاناً أو بعوض فله أي لزيد كامل الدينار كل الجعل وليس للمعاون شيء إلا إذا التزم زيدٌ له أجرة.

وإن قصد المشارك العمل للمالك أي الملتزم بالجُعْل أو لنفسه أو لم يقصد شيئاً فللأول قسطه إن شارك زيداً من أول العمل وهو نصف الجعل أي نصف دينار في مثالنا ولا شيء للمشارك بحال أي في جميع الحالات المذكورة لتبرعه ولعدم التزام الجاعل تجاهه ولكل منهما الفسخ قبل تمام العمل لأنه عقد جائز من الطرفين أما بعد تمام العمل فلا أثر للفسخ لأن الجعل لزم فإن فُسِخَ قبل الشروع أو فسخ العامل بعد الشروع فلا شيء له لأنه لم يعمل في الأولى وفي الثانية لم يحصل غرض المالك ولأن العامل امتنع باختياره وإن فسخ المالك بعد الشروع فعليه أي المالك أجرة المثل في الأصح فلا تفوت أجرة العامل بفسخ المالك فََفَسْخُ الملتزم يوجب أجرة المثل للماضي من العمل وللمالك أن يزيد أو ينُقًص في الجعل قبل الفراغ وتغير جنسه قبل الفراغ من عمل العامل كما تجوز الزيادة في الثمن في زمن الخيار فإن قال المالك مثلاً من ردَّ دابتي فله عشرة ثم قال: فله خمسة فالاعتبار بالنداء الأخير أما بعد مباشرة العمل فهو ما ذكره بقوله وفائدته بعد الشروع بالعمل وجوب أجرة المثل لأن النداء الأخير فسخ للأول والفسخ في أثناء العمل يقتضي أجرة المثل.

ولو مات الآبق في بعض الطريق أو هرب فلا شيء للعامل لأنه لم يرده والجعل إنما يجب بتمام العمل فلم يحصل شيء من مقصود الجاعل وبذلك فارق ما لو مات الأجير في الحج المستأجر له قبل تمام الحج فإنه يستحق قسط ما عمل وكذلك لو رجع الآبق بنفسه فلا شيء للعامل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير