وإذا رده فليس له حبسه لقبض الجعل لأن الجعل إنما يجب بالتسليم فلا يستحق قبل التسليم فإذا حبسه قبل التسليم لم يستحق الأجر ويصدّق المالك بيمينه إذا أنكر شرط الجعل لأن الأصل عدمه أو أنكر المالك سعيه أي العامل في رده بأن قال المالكُ عاد بنفسه ولا دور لك في رده فإن اختلفا في قدر الجعل تحالفا وللعامل بعد الحلف أجرة المثل.
مسائل:
1) قال أحدهم لشخص إذا أخبرتني بخروج زيد من البلد فلك كذا وكان له غرض بخروج زيد استحق الجعل.
2) لو كان رجلان في بادية ونحوها فمرض أحدهما وعجز عن السير لزم الآخر المقام معه إلّا أن يخاف على نفسه فإذا أقام معه فلا أجرة له وإذا مات أخذ ماله وأوصله إلى ورثته ويده عليه يد أمانة فلا يضمن إلا بالتفريط.
3) تنفسخ الجعالة بالموت ولا شيء للعامل لما عمل بعد موت المالك فلو قطع بعض المسافة ثم مات المالك فردَّه إلى وارثه استحق من المسمى بقدر عمله في حياة المالك.
? كتاب الفرائض ?
أي كتاب قسمة المواريث وفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة من الفرض والفرض يأتي لمعانٍ منها: القطع للخيط وفَرْضُ القوس هو موضع الوتر منه والثًلُمة من النهر تسمى فرضاً والإنزال يسمى فرضاً كقوله تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معادٍ) القصص85. والبيان يسمى فرضاً كقوله تعالى: (سورة أنزلناها وفرضناها) النور1. وقوله تعالى: (فرض الله لكم تحلة أيمانكم) التحريم2.
وتأتي بمعنى الإحلال قال تعالى: (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له) والفرض يأتي بمعنى الإعطاء فالعرب تقول: ما أصبت منه قرضاً ولا فرضاً والفرض يأتي بمعنى التقدير قال تعالى: (نصف ما فرضتم) أي نصف ما قدرتم.
الفرض شرعاً: نصيب مقدر شرعاً للوارث وعلم الفرائض شرعاً هو العلم بقسمة المواريث والأصل فيه قبل الإجماع آيات المواريث وأخبار منها:
1) خبر الصحيحين عن ابن عباس (ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر).
2) خبر أبي داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة).
3) خبر الترمذي والبيهقي عن ابن مسعود (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما)).
4) خبر الترمذي وأحمد عن جابر بن عبد الله قال: (جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتيها من سعد، فقالت يا رسول الله: هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحدٍ شهيداَ وأن عمهما أخذ مالهما ووالله لا تُنكحان ولا مال لهما, فقال: (يقضي الله في ذلك) فأنزل الله: (فإن كنّ نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) النساء11، فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم فأعطى البنتين الثلثين والأم الثمن وقال للعم خذ الباقي).
5) خبر ابن ماجة والحاكم عن حفص بن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعلموا الفرائض فإنه من دينكم وإنه نصف العلم وإنه أول علم ينزع من أمتي)).
واختلف في معتمد نصف العلم على أقوال أحسنها أنه باعتبار حال الناس فإن حال الناس حياة وموت والفرائض تتعلق بحال الموت وسائر العلوم تتعلق بحال الحياة وقيل: إن العلم يستفاد تارة بالنصِّ وتارة بالقياس وعلم الفرائض مستفاد من النصِّ. قال عمر بن الخطاب: إذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض وإذا لهوتم فالهوا في الرمي. واشتهر من الصحابة في هذا العلم أربعة: علي وابن عباس وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود واختار الإمام الشافعي مذهب زيد لأنه أقرب إلى القياس ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفرضكم زيد) رواه الترمذي وأحمد عن أنس بن مالك.
¥