تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى الشيخان عن سعد بن أبي وقاص قال: (جاءني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي فقلت: يا رسول الله إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فبالشطر يا رسول الله؟ قال: لا، قلت: فبالثلث؟ قال: (الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)). وروى الترمذي وأبو سعيد عن أبي أمامة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)).

وتصح وصية كل مكلف حر مختار بالإجماع لأنها تبرع وإن كان كافراً والمقصود به الذمي ولو كان حربياً وكذا تصح وصية المرتد لكنها موقوفة على عودته للإسلام فإن مات كافراً فتبطل وصيته لأن ماله فيء للمسلمين وكذا محجور عليه بسفه فإن وصيته تصح على المذهب لصحة عبارته وقيل: إن كان محجوراً عليه بالسفه لا تصح وإن لم يحجر عليه فتصح وصيته جزماً. لا مجنون ومغمى عليه وصبي إذ لا عبارة لهم وفي قول تصح من صبي مميز وهو بعيد لأنه لا عبارة له ولا رقيق لعدم ملكه وقيل: إن عَتَقَ ثم مات صحت والصحيح المنع لعدم صحة عبارته حين الوصية. وإذا أوصى لجهة عامة فالشرط أن لا تكون معصيةً ولا مكروهاً لذاته لا لعارض ومن ثم بطلت لكافر بنحو مسلم أو مصحف وكذا لو أوصى بأن يدفن ببيته بطلت وصيته لأن الدفن في البيت مكروه وكذا لو أوصى بأن يُبنى على قبره بطلت لحرمة البناء على القبور ولو في غيره مقبرة مسبلة كعمارة أو ترميم كنيسة وكتابة إنجيل أو توراة وعلم محرم ككتب السحر والفلسفة وإعطاء أهل حرب أو ردة ولا تصح لمرتد بقول أو فعل لجحد صلاة أو صوم أو أوصى لشخص معين فالشرط أن يتصور له الملك حال الوصية فلو أوصى لحمل سيحدث بطلت وإن حدث قبل موت الموصي لأن الوصية تمليك وتمليك المعدوم ممنوع فتصح لحمل وتنفذ إذا انفصل حياً حياة مستقرة وإلا لم يستحق شيئاً كالإرث وعَلِمَ أو ظن وجوده عندها أي عند الوصية بأن انفصل لدون ستة أشهر من الوصية لأن الستة أشهر أقل الحمل فإن ولد قبلها علم يقيناً أنه كان موجوداً عند الوصية فإن انفصل لستة أشهر فأكثر والمرأة فراش زوج أو سيد لم يستحق الموصى به لاحتمال حدوثه بعد الوصية والأصل عدمه عند الوصية فإن لم تكن فراشاً لزوج أو سيد وانفصل لأكثر من أربع سنين فكذلك لا يستحق الموصَى له لعدم وجوده عند الوصية. أو لدونه أي دون الأكثر استحق في الأظهر لأن الظاهر وجوده عند الوصية إذ لا سبب هنا ظاهر يحال عليه وتقدير الزنا إساءة ظن بها ووطء الشبهة نادر وحاصل ذلك أن وجود الفراش وعدمه هنا غلب على الظن هذا فيمن عرف أنها كانت فراشاً أما من لم يعرف لها فراش أصلاً وقد انفصل الجنين لأربع سنين فأقل ولستة أشهر فأكثر فلا استحقاق قطعاً لانحصار الأمر حينئذ في وطء الشبهة أو الزنا وكلاهما يحتمل الحدوث فيضاف إلى أقرب زمان يمكنُ لأن الأصل عدمه فيما قبله.

وإن أوصى لعبد فاستمر رقه إلى موت الموصِي فالوصية لسيده عند موت الموصي وهذا يفارق الهدية والوقف لأن التمليك فيها ناجز ويقبلها العبد دون السيد لأن الخطاب معه ولا يفتقر إلى إذن السيد فإن عتق قبل موت الموصي فله أي الوصية للعبد لأن الوصية تمليك بعد الموت وهو حينئذ حرٌ وإن عتق بعد موته ثم قَبِلَ الوصية بُني الكلام في هذه المسألة على أن الوصية بِمَ تملك إن قلنا بالموت بشرط القبول وهو الأظهر أو بالموت فقط فهي للمعتق وإن قلنا بالقبول فقط فهي للعتيق وإن كان العتق مع الموت فالوصية للعتيق لأنه وقت الملك حرٌّ.

وإن أوصى لدابة لغيره وقصد تمليكها أو أطلق فباطلة هذه الوصية جزماً أما إذا كانت مسبلة للجهاد وغيره فجاز الوقف ليكون في علفها أما الوصية فباطلة لأنها تمليك وهي لا تملك. وإن قال ليصرف في علفها فالمنقول صحتها لأن علفها على مالكها وهو المقصود بالوصية فيشترط قبوله ويتعين الصرف إلى جهة الدابة وإن انتقلت إلى غيره رعاية لغرض الموصي وتصح لعمارة مسجد ومصالحه من كل مسلم أو كافر لأنه قربة وكذا إن أطلق في الأصح بأن قال أوصيت للمسجد وإن أراد تمليكه لأن للمسجد ملكاً وعليه وقفاً ولذمي ومعاهد ومستأمن وهي كالصدقة عليه فهي جائزة وكذا حربي ومرتد حال الوصية ولم يمت على ردته في الأصح وقيل يقتلان فيحرم الوصية لهما خلافاً للوقف فلا يصح عليهما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير