تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شرعي وقيل: يقع كغيره من التبرعات وينفع الميتَ صدقةٌ كوقف مصحف وغرس شجر وحفر بئر كما ينفعه ما فعله بحياته للإجماع وللأخبار الصحيحة بذلك منها ما روى مسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له). وما رواه مسلم أيضاً (أن سعد بن عبادة الأنصاري قال: يا رسول الله إنَّ أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: أي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء). وروى أحمد بسند صحيح عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يرفع الدرجة للعبد في الجنة فيقول يا ربِّ أنّى لي هذا؟ فيقال: بإسقاء ولدك لك)). وقال تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) الحشر10. فقد أثنى عليهم بالدعاء للسابقين وأما قوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) فعام مخصوص بذلك. وحكي النووي في شرح مسلم: أن ثواب القراءة يصل إلى الميت وهو ما يقول به الأئمة الثلاثة وأما التضحية عن الميت فقال النووي: إن مذهب الشافعي أن التضحية عن الغير بغير إذنه لا تجوز ولا عن الميت إذا لم يوصِ بها. والصدقة أفضل من الدعاء والدعاء أفضل من القراءة وفي كلها خير.

? فصل في الرجوع عن الوصية ?

له الرجوع عن الوصية وعن بعضها إجماعاً لأنها عطية لم يزل عنها ملك صاحبها فأشبهت الهبة قبل القبض خلافاً للتبرع المنجز في مرض الموت فلا رجوع فيه وإن كان يعتبر من الثلث وذلك بقوله نقضت الوصية أو أبطلتُها أو رجعتُ فيها أو فسختُها أو هذا لوارثي مشيراً إلى ما وصّى به لأنه لا يكون لوارثه إلا إذا انقطع تعلق الموصَى له عنه وبيع ولو بخيار أو فسخ في المجلس وإعتاق وتعليق إعتاق وإيلاء ومكاتبة وإصداق لما وصّى به وكذا هبة لزوال الملك عنه أو رهن مع قبض لتعرضه للبيع وكذا دونه في الأصح أي وأيضاً دون القبض في الرهن والهبة لأنه عرضه لزوال الملك وذلك يدل على الإعراض عن الوصية ويحصل الرجوع أيضاً بوصية بهذه التصرفات بما أوصى به كبيع وهبة وكذا توكيل في بيعه وعرضه عليه أي عرضه على البيع ومثله عرضه على الرهن أو الهبة لأنه وسيلة إلى أمر يحصل به الرجوع هذا كله في الوصية بمعيّن أما لو أوصى بثلث ماله فباعه أو خلطه أو هلك لم يكن رجوعاً لأن الوصية بالثلث هي وصية بمالٍ ينفذ بما ملكه عند الموت زاد أو نقص أو تبدل لا بما كان يملكه وقت الوصية.

وخلط حنطة معيّنة وصّى بها رجوع لأنه أخرجها عن إمكان التسليم ولو وصّى بصاع من صبرة فخلطها بأجود منها فرجوع لأنه إحداث زيادة لم تتناولها الوصية أو بمثلها فلا لأنه لم يحدث أي تغيّر إذ لا فرق بين المتماثلين وكذا بأردأ منها في الأصح لأن تعيب الموصَى به أو إتلاف بعضه لا يبطل الوصية وطحن حنطة وصّى بها وبذرها وعجن دقيق وصّى به وغزل قطن وصّى به ونسج غزل وصّى به وقطع ثوب وصّى به قميصاً وبناءٌ وغراس في عَرْصة رجوع لإشعار ذلك كله بالإعراض ولو أوصى بعين لزيد ثم أوصى بها لعمرو لم يكن رجوعاً عن وصيته لاحتمال إرادة التشريك فيشرك بينهما كما لو قال دفعة واحدة: أوصيت بها لكما.

? فصل في الإيصاء ?

الإيصاء كالوصاية لغة وشرعاً: إثبات تصرف مضاف لما بعد الموت وفرّقوا بين الوصية والوصاية فالفقهاء يفرّقون فيقولون: إن الوصية هي: التبرع المضاف لما بعد الموت والوصاية هي العهد إلى مَنْ يقوم على من بعده.

يُسَنُّ الإيصاء بقضاء الدين وردِّ المظالم والودائع والعواري وتنفيذ الوصايا إن كانت والنظر في أمر الأطفال فإن لم يوصِ بها نصب القاضي من يقوم بها والإيصاء بقضاء الديون التي عجز عنها في الحال ولم يكن لها شهود مسارعة لبراءة ذمته وكذا من عنده وديعة أو في ذمته حق لله تعالى كزكاة وحج وشرط الوصيِّ تكليف أي بلوغ وعقل وحرية وعدالة وهداية إلى التصرف الموصَى به فلا يجوز لمن لا يهتدي إليه لسفه أو هرم أو تغفّل إذ لا مصلحة فيه وإسلام فلا يصح الإيصاء من مسلم لكافر إذ لا ولاية لكافر على مسلم ولتهمته. قال تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) النساء141. وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) آل عمران118. لكن الأصح جواز وصية ذمي إلى ذمي فيما يتعلق بأولاد الكفار بشرط كونه عدلاً في دينه ولا يضر العمى في الأصح لأن الأعمى كامل ويمكنه التوكيل فيما لا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير