تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على وركه بدلاً عن الربط في الكمِّ لم يضمن لأنه أكثر احتياطاً وبالعكس وهو أن يربطها في الكمِّ بدلاً عن قوله اجعلها في جيبك يضمن لتركه الأحوط ولو أعطاه دراهم في السوق ولم يبين له كيفية الحفظ فربطها في كمه أو أمسكها بيده أو جعلها في جيبه لم يضمن لأنه بالغ في الحفظ إلا أن يكون الجيب واسع الفتحة بحيث لا يحفظ فإنه يضمن للتفريط وإن أمسكها بيده لم يضمن إن أخذها غاصب ويضمن إن تلفت بغفلة أو نوم لتقصيره وإن دفع إليه دراهم بالسوق وقال احفظها في البيت فليمضِ إليه حالاً ويحرزها فيها عقب وصوله فإن أخر بلا عذر ضمن لتفريطه قال السبكي: وينبغي أن يرجع في ذلك إلى العرف وهو يختلف باختلاف نفاسة الوديعة وطول التأخر وضدهما أي النفاسة والتأخير. وإذا كان من عادة المودَع المكث في السوق إلى وقت معين لمعاينة تجارته والإشراف عليها لم يضمن بالتأخر المعتاد.

ومنها عوارض الضمان أن يضيعها بأن يضَعها من غير إذن مالكها في غير حرز مثلها ولو قصد بذلك إخفاؤها لأن المأمور في الودائع أن توضع في حرز مثلها أو يدُلَّ عليها سارقاً بأن يعيّن له مكانها فتضيع بالسرقة أو يدل عليها من يصادرُ المالكَ فيها بأن عيّن للمصادر موضعها فضاعت بذلك لمنافاة ذلك للحفظ.

فلو أكرهه ظالم وإن كانت ولايته عامة على تسليم الوديعة حتى سلمها إليه فللمالك تضمينه أي الوديع في الأصح لتسليمه لأن الضمان يستوي فيه الاختيار والاضطرار ثم يرجع الوديع على الظالم. وقال الماوردي: لا يضمن والراجح الأول لأن على الوديع أن ينكر وجود الوديعة عنده ما وجد إلى ذلك سبيلاً فإن ترك ذلك مع القدرة ضمن وله أن يحلف على ذلك لمصلحة حفظها خاصة إذا كان إنساناً يريد الظالم قتله أو الفجور به ومنها أي عوارض الضمان أن ينتفع بها بأن يلبس الثوب مثلاً أو يركب الدابة خيانة لا لعذر ومن العذر أن يركبها ليسقيها أو أن تكون جموحاً لا تقاد إلا بالركوب إلى المرعى وغيره أو يأخذ الثوب مثلاً ليلبسه أو الدراهم لينفقها فيضمن قيمة المتقوم بأقصى القيم ومثل المثلي إن تلف وأجرة المثل وإن لم يلبس وينفق لأن العقد أو القبض لما اقترن بنية التعدي صار كقبض الغاصب ولو نوى الأخذَ ولم يأخذ لم يضمن على الصحيح لأن الأخذ لم يحدث فعلاً ولا وضع يده على الأمانة تعدياً ولو خلطها بماله ولم يتميز ضمن لتعديه ولو خلطَ دراهم كيسين للمودِع ولم يتميز وقد أودعهما غير مختومين ضمن تلك الدراهم في الأصح لتعديه ذلك إن نقصت بالخلط أما إذا كسر صندوقاً أو فضَّ خاتماً أو قطع كيساً فإن يضمن الأرش ومتى صارت مضمونة بانتفاع وغيره من الأمور التي ذكرها وتوجب الضمان ثم ترك الخيانة لم يبرأ من الضمان ولا يجوز له بعد التعدي حفظها بل عليه ردها فإن أحدث له المالك استئماناً كقوله استأمنتك عليها أو استحفظتكها أو أبرأتك أو أودعتكها أو نحو ذلك بريء في الأصح لأن المُودِعَ أسقط حقه ومتى طلبها المالكُ لزمه الردُّ بأن يخلي بينه وبينها لقوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) النساء58. وليس عليه حملها إليه إلا إذا جحدها ثم ردها ولا يلزم الإشهاد في الردِّ إذا ردَّها إلى المالك أما إذا ردَّها إلى وكيله فقد وجب الإشهاد لأنه لا يقبل قوله في الردِّ على وكيل المودِع أما إذا أودعها حاكماً أو ردَّها عليه فعليه أن يَشْهَدَ له بالبراءة لأنه قد يُعْزلُ فلا يقبل قوله بعد العزل. ولو أودعه اثنان وديعة واحدة ثم جاء أحدهما ليسترد وديعته أي نصيبه من الوديعة فلا يرد عليه لأنهما اتفقا في الإيداع فكذا في الاسترداد بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليقسمه ويردَّ إليه حقه فإن أخّر ردّ الوديعة بلا عذر ضمن لتعديه أما إذا أخر حتى يشهد لم يضمن إذا أراد الاحتياط لنفسه ولم يطل الزمان وإن ادعى تلفها ولم يذكر سبباً معيناً أو ذكر سبباً خفياً كسرقة صدق في ذلك بيمينه بالإجماع وإن ذكر سبباً ظاهراً كحريق فإن عرف الحريق وعمومه ولم يحتمل سلامة الوديعة صدق بلا يمين لأن ظاهر الحال يغني عن اليمين وإن عرف الحريق دون عمومه صدق بيمينه في التلف لاحتمال ذلك وإن جُهِلَ الحريق طولب ببينة على وجود الحريق ثم يحلف على التلف بهذا الحريق فإن نكَل المودَع عن الحلف حلف المالك على نفي العلم واستحق القيمة أو المثل وإن ادعى ردها على من ائتمنه صدق بيمينه كدعوى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير