تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم فقال: (اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما). قال: فذهبت فأخبرت أباها بذلك فذكر أبوها ذلك لها فرفعت الخِدَر، وقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَذِن لك أن تنظر فانظر وإلا فإني أحرِّج عليك إن كنت تؤمن بالله ورسوله)، قوله أن يؤدم بينكما: أن تدوم المودة وقيل مأخوذ من الأدم للطعام فإنه يطيبه وقولها: أحرّج عليك: أجعلك في إثم إن لم يكن لك حاجة تدعو لذلك. وقال الترمذي حديث حسن.

وروى مسلم عن أبي هريرة (أن رجلاً ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أراد امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (انظُر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا)). أراد صغراً.

وله تكرير نظره إن احتاج إلى ذلك لعدم إحاطته بأوصافها أما إذا اكتفى بنظرة حرم الزائدُ عليها لأنه نظر أبيح لضرورة فليتقيد بها. روى أبوداود عن جابر (إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)، ورواه الحاكم في المستدرك.

ولا ينظر غير الوجه والكفين ظاهراً وباطناً بلا مسٍّ شيء منها لدلالة الوجه على الجمال والكفين على خصب البدن وإن لم تعجبه سُنَّ له أن يسكت ولا يقول لا أريدها ولا يترتب على ذلك منع خطبتها إذ أن منع خطبتها إنما يكون بعد إعلان الموافقة من الطرفين. وإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تتأملها وتصفها له. فقد روى الحاكم وغيره عن حماد بن ثابت (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أمَّ سليم إلى امرأة وقال: انظري عرقوبها وشمّي عوارضها) وفي رواية الطبراني (وشمّي معاطفها)، والعرقوب: هو العصب فوق عقب الرجل والعوارض: الأسنان في عرض الفم. وأما المعاطف: فهي ما ينعطف عنده جسم الإنسان كالرقبة والإبطين.

ويحرم نظر فخل بالغ عاقل مختار ولو شيخاً وعاجزاً عن الوطء ومجبوباً وهو مقطوع الذكر إلى عورة حرة كبيرة وهي من بلغت حداً تشتهي فيه. قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) النور30.

وروى مسلم عن جابر والترمذي عن علي (أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل بن العباس خلفه في حجة الوداع فأتت امرأة من خثعم إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستفتِيه فجعل الفضل ابن العباس ينظر إليها وتنظر إليه فلوى النبي صلى الله عليه وسلم عنق الفضل، فقال العباس: لويت عنق ابن عمك، فقال صلى الله عليه وسلم: (رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)).

وكذا وجهها وكفيها عند خوف الفتنة إجماعاً كالاختلاء بها لجماع أو مقدماته والنظر إلى وجه المرأة وكفيها بقصد التلذذ حرام ولو أمنت الفتنة وكذا يحرم النظر إليهما عند الأمن على الصحيح لأن النظر مظنة الفتنة ومحرك الشهوة وقد قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) النور30. فالوجه مع كونه غير عورة فقد منع النظر إليه لأنه فظنة الفتنة أو الشهوة. قال عياض: الإجماع على أنه لا يلزمها في طريقها ستر وجهها وإنما هو سنة وعلى الرجال غض البصر عنهن للآية، حكى ذلك الإمام النووي في شرح مسلم وأقره عليه. قال المارودي عورة المرأة مع غير الزوج كبرى وصغرى فالكبرى ما عدا الوجه والكفين والصغرى ما بين السرة والركبة فيجب ستر الكبرى في الصلاة وكذا عن الرجال الأجانب والخناثى والصغرى عن النساء وإن قربن وكذا عن رجال المحارم والصبيان.

ولا ينظر من محرمه بين سرّةٍ وركبة فيحرم ذلك إجماعاً وألحق بعضهم السرة والركبة احتياطاً قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن) النور31. ونقل المسعودي في الإبانة عن القفال أنه لا يجوز له النظر إلا إلى ما يبدو عند المهنة لأنه لا ضرورة به إلى النظر إلى ما زاد على ذلك. ويحل ما سواه لأنه بالمحرمية معنى يوجب حرمة المناكحة فكانا كالمرأتين أو كالرجلين. وقيل ما يبدو في المهنة فقط لأن غيره لا ضرورة للنظر إليه كما أسلفنا وما يبدو في المهنة الوجه والرأس والعنق واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة ولا فرق في المَحْرَم بين الكافر وغيره إلا إذا كان من قومٍ يعتقدون حِلَّ المحارم فيمتنع نظرها إليه ونظره إليها والأصح حل النظر بلا شهوةٍ إلى الأمة إلا ما بين سرة ورُكْبة لأنها عورتها في الصلاة والأصح أنها كالحرة لأن النظر مع خوف الفتنة حرام لكل منظورٍ إليه. قال الأذرعي: أما النظر بشهوة حرام قطعاً لكل منظورٍ إليه من مَحْرَم وغيره

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير