تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو لفظ أعجمي به بالعربية ولم يعرف معناه لم يقع لانتفاء قصده وقيل إن نوى معناها أي العربية وقع طلاقه لإشعار قصده للطلاق ولا يقع طلاق مُكْرَهٍ لما روى أبوداود وأحمد عن عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق في إغلاق) وفسر الشافعي الإغلاق بالإكراه. فإن ظهرت قرينة اختيار بأن أكره عن ثلاث تطليقات فوحّدَ أو على طلاق صريح أو تعليق فكنى أو نجز أي طلب منه التعليق بالطلاق فنجز الطلاق أو على أن يقول (طلقت) زوجتي فسرّح فقال سرّحْتُ زوجتي أو بالعكوس أي أكره على واحدة فثلث أو كناية فصرح أو تنجيز فعلق أو تسريح فطلق وقع الطلاق لأنه مختار فيما أتى به وإن لم يقصد الإيقاع.

وشرط حصول الإكراه قدرة المُكْرِه على تحقيق ما هدد به عاجلاً ظلماً بولاية أو تَغَلُّبٍ وعَجْزُ المكْرَه عن دفعه بهربٍ وغيره كاستغاثة بغيره وظنه أي المُكْرَه أنه إن امتنع حققه أي حقق المُكْرِهُ ما هدد به. ويحصل الإكراه بتخويفٍ بضربٍ شديدٍ أو حبس أو اتلاف مالٍ ونحوها كأخذ مال أو استخفاف بوجيهويختلف الإكراه من شخص لشخص فما يكون إكراهاً بحق شخص قد لا يكون إكراهاً بحق آخر وقيل يُشْتَرطُ قتلٌ أي تهديد بالقتل فلا يحصل الإكراه إلا به وقيل يشترط قتل أو قطع لطرف أو ضرب مَخُوفٍ أي يخاف منه الهلاك فالتخويف بغير ذلك لا يحصل به الإكراه ولا يحصل الإكراه بالتهديد بالعقوبة المؤجلة كقول المُكْرِه للمُكْرَه لأضربنَّك بعد أسبوع مثلاً.

ولا تشترط في عدم طلاق المُكْرَهِ التورية في الصيغة كأن ينوي بالإخبار كاذباً أو إطلاقها من قيد أو يقول بعدها سراً إن شاء الله تعالى ولا في المرأة بأن ينوي غيرها بأن يقول طلقت فاطمة وينوي غير زوجته أي فاطمة أخرى وقيل إن تركها أي التورة بلا عذر وقع طلاقه لإشعار ذلك بالاختيار فإن تركها لعذر كعدم معرفة أو لدهشة أصابته لم يقع الطلاق قطعاً. ومن أثم بمزيل عقله من شراب أو دواء نفذ طلاقُهُ وتصرفُه له وعليه قولاً وفعلاً على المذهب كالنكاح والطلاق والبيع والشراء والإسلام والردة والقتل والقطع كما هو الحكم في السكران. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى) النساء43. فخاطبهم في حال السُّكْر فدل ذلك على أن السكران مُكَلَفٌ. وروى مالك في الموطأ والبيهقي في السنن (أن عمر استشار الصحابة رضي الله عنهم وقال: إن الناس انهمكوا في شرب الخمر واستحقوا حدَّ العقوبة فيه فما ترون؟ فقال عليٌّ: إنه إذا شرب سَكِرَ وإذا سَكِرَ هذى وإذا هذى افترى فحدُّهُ حدُّ المفتري) فلو لم يعتبر لكلامه حكماً لما زيد في حده لأجل هذيانه. وفي قول لا ينفذ شيء من تصرفه لأنه ليس له فهم وقصد صحيح ويجاب على هذا بأنه لما كان سُكْرُهُ بمعصية سقط حكمُهُ فَجُعِلَ كالصاحي فيصح منه جميع التصرفات. أما من يشرب الدواء والنبيذ لحاجة فيغيب عقله فحكمه حكم المجنون.

وقيل عليه أن تنفذ تصرفاته فيما يكون عليه لا في الذي يكون له تغليظاً كالطلاق والإقرار والضمان ولا ينفذ في النكاح والسكران هو الذي اختلّ كلامه وانكشف سرَّهُ المكتوم ويبقى له بعض تمييز ولو قال رُبُعك أو بعضك أو جزؤَك أو كبدُك أو شعرك أو ظفرُك طالق وقع الطلاق بطريق السراية أو بالتعبير بالجزء عن الكل وكذلك دَمُك طالق يقع به الطلاق على المذهب لأن به قوام البدن وفي وجه لا يقع لأنه كفضلة لا فضلةٌ كريق وعرق وكذا منيٌّ ولبن في الأصح لأنها أجزاء منفصلة غير متصلة اتصال خلقة وقيل حكمها حكم الدم لأن أصلها دمٌ ولو قال لمقطوعة يمين يمينك طالق لم يقع على المذهب لأن البعض مقطوع فلا يسري إلى الكلّ ولو قال أنا منك طالقٌ ونوى تطليقها طُلَّقت وإن لم ينوِ طلاقاً فلا لأن اللفظ كناية حيث أضيف إلى غير محله حيث أضافه إلى نفسه والأصل إضافته إلى الزوجة وكذا إن لم ينوِ إضافته إليها في الأصح لا تطلق لأنها محل الطلاق فلابد من وقوعه صرفه بالنية إلى محله. ولو قال أنا منكِ بائن اشترط نية الطلاق كسائر الكنايات وفي الإضافة إليها الوجهان السابقان في قوله أنا منكِ طالق أصحهما اشترط النية ولو قال استبرئي رحمي منك فلغو لأن اللفظ لا معنى له وشرط الكناية أن يحتمل اللفظُ المعنى وقيل إن نوى طلاقها وقع على قول من قال أن المعنى استبرأ الرحم التي كانت لي وهو بعيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير