تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخذ الزيادة شرط الحاجة والفاقة من فقر ومسكنة، وإذا قلنا لا يوصف الكلّ بالوجوب سقط ذلك هذا من فوائد الخلاف في هذه المسألة. يطعم عن كل يوم مسكيناً إذا كان على التمليك، إذا لم يكن على التمليك يصنع طعاما ويدعو عشرة مساكين أو ثلاثين مسكينا في آخر الشهر، ويطعمهم وجبة كاملة في اليوم، قالوا هذا يجزيه وأثر عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- والأوّل أحوط وهو الذي يقرّره العلماء والجماهير، وهو أبرأ للذمة أن كل يوم يخرج عنه فيخرج عن هذا القدر المعتبر في الإطعام.

[أو مرض لا يرجى برؤه]: وهكذا إذا كان المرض لا يرجى برؤه مثل ما ذكرنا مثل الفشل الكلوي – أعاذنا الله وإياكم - ونحو ذلك مما يتعذر معه الصوم، ويكون المرض لا يرجى برؤه؛ لأنه إذا كان المرض يرجى برؤه؛ فإنه حينئذ نقول له: أفطر وانتظر زوال المرض، واقض ما أوجب الله عليك من صوم، فمثلا لو أن شخصاً عمل عمليّة جراحيّة عنده مرض وتعالج من هذا المرض وعملت له عملية جراحية فإنه يفطر في هذا رمضان، ثم بقي بعد هذه العملية خمسة أشهر أو ستة أشهر، فإنه إذا كان معه هذا المرض نقول له أفطر ويلزمك القضاء؛ لأنّ مرضك يرجى برؤه، وحينئذ المريض له حالتان:

الحالة الأولى: أن يكون مرضه مما لا يرجى برؤه، فإنه يطعم ولا يجب عليه القضاء.

وإما أن يكون مرضه يرجى برؤه؛ فإنه لا يطعم ويجب عليه القضاء على الأصل؛ لأنّ الله يقول: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} فإن كان مرضه يرجى برؤه انتقل إلى عدة من أيام أخر.

[فإنه يطعم عن كل يوم مسكينا]: فإنّه يطعم كلّ واحد منهم، المريض الذي لا يرجى برؤه والشيخ الكبير أو العاجز عن الصيام يطعم عن كلّ يوم مسكيناًَ.

[وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير]: قال رحمه الله: [وعلى سائر]: سائر من ألفاظ العموم يعني على جميع من أفطر القضاء لا غير، يعني من غير هؤلاء، فمن تعمد الفطر في نهار رمضان يجب عليه القضاء لدخوله تحت هذا العموم، وإذا قلنا بأنه يجب عليه القضاء يرد السؤال: هل قضاء رمضان يجب فيه التتابع أو لا يجب فيه التتابع؟ فعن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من قضى رمضان يجب عليه أن يتابع، وأن يصوم كصيام رمضان، فإذا أفطر ثلاثة أيام متتابعة يقضيها متتابعة، وإذا أفطرها متفرّقة قضاها متفرّقة، قالوا بوجوب التتابع إن حصل الفطر؛ واحتجّوا ببعض الأحاديث الضعيفة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضها مرسل وبعضها ضعيف الإسناد، حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بسرد الصوم وتتابعه في القضاء، ولكنّه لم يصح إسنادا.

وأيضا عن ابن عمر أنه أمر بالسرد في صيام القضاء.

وجماهير السلف والخلف على أنه لا يجب التتابع؛ وقد صحّ عن أم المؤمنين عائشة كما روى الدارقطني في سننه وقال إن إسناده صحيح أنه كان فيما أنزل: {فعدة من أيام أخر متتابعات} ثم قالت رضي الله عنها: أسقطت متتابعات أي أسقطت تلاوة وحكما، وحينئذ لا يجب التتابع وهذا قول جماهير العلماء -رحمهم الله- وعدّة نكرة، والنكرة تفيد العموم يعني سواء قضى متتابعا أو متفرقا، هذا من جهة النقل.

ومن الأدلّة من جهة العقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزّل الحقوق الواجبة لله - صلى الله عليه وسلم - منزلة حقوق الآدمين وقال: ((أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضِيَتِيَه؟ قالت: نعم)) وهذا أيضا في القضاء فنّزله منزلة القضاء الآدمي، ومن أخذ من رجل مالا كمائة وقضاها متفرّقة لم يحرم عليه ذلك أو قضاها مجتمعة لم يحرم عليه ذلك، فهو مخيّر بين أن يقضي دفعة واحدة أو يقضي أقساطا فتبرأ ذمته في كلتا الحالتين، فإذا كان في حقوق الآدمييّن لا يشترط وهذا قياس مأثور حتى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قاسوه، وقالوا أرأيت لو قضيت الدرهم والدرهمين أكان عليك شيء يعني ما عليك بشيء وكذلك حق الله –عز وجل- وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((دين الله أحق أن يقضى)) وقاس حقّ الله على حقّ المخلوق في الإلزام وأنّه أولى بالقضاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير