تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إلا من أفطر بجماع في الفرج فإنه يقضي ويعتق رقبة]: إلا من أفطر بجماع في الفرج؛ فإنه يقضي ويعتق رقبة أي يلزمه القضاء مع الكفارة. [من] أي: الذي جامع وهذا يقتضي وجود وصف مهم ومؤثّر في الحكم وهو الجماع في نهار رمضان وأن يكون صائما؛ لأنّ سلمة بن صخر البياضي –رضي الله عنه- كما في صحيحين من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ((هلكت وأهلكت جامعت أهلي في نهار رمضان وأنا صائم)) أي والحال أنيّ صائم، وهذا يدل على أنه لابد من وجود الجماع في الفرج، وأن يكون صائما، وفي نهار رمضان على تفصيل عند العلماء، إن قلنا الجماع يخرج من هذا أنه لو باشر المرأة ولم يحصل جماع أنه لا كفارة عليه ولو باشرها وأنزل ولم يحصل جماع أنه لا كفارة عليه، وهذا لقوله: جامعت، والأصل براءة الذمة حتى يدل الدليل على شغلها، فجاء الحكم بقوله -عليه الصلاة والسلام-: أتجد ما تعتق به رقبة؟ قال: لا، أتجد ما تعتق به رقبة جاء مركّبا على قوله: جامعت، وحينئذ ما دون الجماع فيه للعلماء وجهان:

إن أنزل وباشر امرأته فأنزل أو تعاطى أسباب الإنزال كالاستمناء فمن أهل العلم من قال الاستمناء والمباشرة مع الإنزال موجبة للكفارة التفاتا للمعنى، وهذا مذهب المالكيّة -رحمهم الله- والحنفية من حيث الجملة قالوا: لأنه انتهك حرمة الشهر، والمراد أن يفسد صومه، ويتفق الجمهور على أنه لو أنزل فسد صومه. قالوا استوى لأنه اللذة الكبرى استوى أن تكون بجماع وبدون جماع، والأقوى كما ذكرنا أن يكون الجماع الحقيقي؛ لقوله: جامعت.

وقوله: [في الفرج]: خرج وطء البهيمة، فإنه لا يوجب؛ لأنه ليس بفرج، واختلف في وطء الميتة: هل يأخذ حكم الحيّة من كل وجه أو لا يأخذ؟ طبعا من حيث الأصل هو فرج ويدخل في هذا العموم، فإذا حصل الوطء في الفرج ولا يكون الوطء في الفرج موجبا للكفارة إلا إذا حصل إدخال رأس العضو، وهذا نفصّل فيه لأن طلاب العلم في بعض الأحيان مع عدم ذكره وعدم بيانه قد يخطئون في بعض الفتاوى، حتى إنّ البعض قد يوجب بمجرّد مماسة الفرج الفرج لابدّ من وجود الإيلاج، وهو دخول رأس الذكر وهو الذي يترتب عليه الحكم بالزنا والحكم بالإحصان وثبوت المهر كاملاً وثبوت الكفّارة في نهار رمضان إلى غير ذلك من الأحكام المعروفة، وعلى هذا لابد من الإيلاج إذا قيل وطء أو جماع فعند العلماء ضابطه إيلاج الحشفة أو قدرها من المقطوع. أما بالنسبة لقوله طبعا من حيث الأصل في نهار رمضان يرد السؤال: قال سلمة بن صخر –رضي الله عنه-: جامعت أهلي فنقول: جامعت أهلي وصف مؤثّر، لكن لو زنا فجامع غير أهله -والعياذ بالله- نقول من باب أولى وأحرى؛ لأن الله إذا أوجب عليه أن يكفر وامرأته حلال له أن يطأها في الأصل؛ فمن باب أولى إذا زنا، أو نقول بقياس المساواة إن المرأة حرمت عليه فصارت كالأجنبية أثناء الصوم، وهذا أصل عند العلماء -رحمهم الله- فإذا وطئها وجبت عليه الكفارة لهذا المعنى، وحينئذ إذا وطأ الأجنبية كان مثلها.

ومن أهل العلم من قال: إذا زنا لا يجب عليه الكفارة، لكن هذا ضعيف، والصحيح قول الجماهير أنه يجب عليه أن يكفر.

في نهار رمضان طيب لو جامع في قضاء رمضان ولم يجامع في نهار رمضان إن قلنا الوصف مؤثر فحينئذ نقول: إنه لا يأخذ حكم نهار رمضان، فلو صام قضاء فثارت شهوته فوطئ زوجته قال المالكية وطائفة من الحنفية -رحمهم الله-: يجب عليه أن يكفر؛ لأن القضاء يأخذ حكم الأداء، والمراد أن يطأ ويجامع في صيام فرض واجب عليه، وهذا من جهة المعنى فيه قوة، ولكن القياس في الكفارات فيه ضعف من وجوه، وحينئذ يقوى القول أنه لا يأخذ حكم الكفارة، ولكن زجرا للناس نخيفهم ونمنعهم من ذلك تحقيقا لمقصود الشرع في صيانة الواجبات؛ لأنه إذا صام قضاء يجب عليه أن يتم صومه ولا عذر له؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المتطوّع أمير نفسه)) ولم يجعل الخيار لغير المتطوّع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير