تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منهم من قال بالفطر بناء على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفطر يوم العيد وهو قوي من حيث النص كما في حديث عمر في الصحيحين في خطبته -رضي الله عنه وأرضاه-.

ومنهم من قال: إنه لا يفطر يوم العيد؛ لأنه مأمور بصيام الشهرين المتتابعين للكفارة، وإنما نهي بسبب الإعراض عن ضيافة الله –عز وجل-، وهذا من جهة المعنى مع النص أقوى.

والأوّل من جهة النص واتقاء المنهي عنه أقوى، وإذا أفطر يتأول النص؛ فإن صومه صحيح، ولا يقطع التتابع فطره، وإذا صام فصومه صحيح ولا يلزم بقضاء يوم مكان يوم العيد؛ لأنه غير مأمور بصيامه.

يصوم الشهرين المتتابعين على هذا التفصيل الحائض، المرأة إذا حاضت لا يقطع الحيض الصوم، وإذا مرض مرضا موجبا للفطر لم يقطع تتابعه، فيفطر لوجود العذر كما أن الحائض تفطر ولا يقطع التتابع، وإذا كان المرض مضرا به؛ فإنه يفطر ولا يقطع التتابع.

[فإن لم يجد سقطت عنه]: يطعم ستّين مسكينا لكل مسكين ربع صاع؛ لأنّ حديث الكفّارة أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكتل وهو العَرْق فيه خمسة عشر صاعاً كما أخبر في رواية مالك في الموطّأ الخمسة عشر صاعا على ستين مسكيناً، لكل مسكين ربع صاع، وعلى هذا تكون الكفارة المغلّظة يطعم لكل مسكين ربع صاع خمسة عشر صاعاً من التمر من الحب كالبر والشعير ونحوه تجزيه وتكون لكل مسكين من تحقّق فيه وصف المسكنة وهو الذي لا يجد كفاية القوت، قد يجد قوته لكنه لا يجد الكفاية قدر الكفاية، والفقير الذي لا يجد شيئا من الكفاية.

[فإن لم يجد سقطت عنه]: فإن لم يجد ما وجد رقبة ما عنده نقود يشتري بها رقبة أو لا توجد الرقبة ولا يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين كأن يكون كبيرا في السن ولا يستطيع أن يطعم ستّين مسكينا للعجز والفاقة؛ سقطت عنه الكفارة.

اختلف العلماء: هل إذا اغتنى بعد ذلك يلزمه أن يقضي أو لا؟ على وجهين مشهورين عند العلماء -رحمهم الله-:

منهم من أسقطها، والعبرة بحال الوجوب وبحال الأمر، وهذا على أصل مطّرد عند العلماء -رحمهم الله- في مسائل عديدة من هذا النوع.

ومنهم من قال: إنه إذا اغتنى سقطت عنه عند العجز، وإذا اغتنى بعد ذلك لزمه أن يكفّر.

[فإن جامع ولم يكفر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة]: إن جامع ولم يكفّر حتى جامع ثانية في يوم واحد فكفّارة واحدة لكن إذا جامع في أيام متعددة لكل يوم كفارته.

[وإن كفّر ثمّ جامع فكفارة ثانية]: وإن كفّر ثم جامع في نفس اليوم أو في الأيّام المتعدّدة على القول بالتداخل؛ فإنه تلزمه كفّارة ثانية.

الصحيح أنه إذا جامع في اليوم الواحد وجبت عليه كفارة واحدة ولو تعدّد جماعه، وأنه إذا جامع في أيّام متعدّدة فلكل يوم كفارته.

الذين يقولون إنه إذا جامع في اليوم الواحد تجب عليه أكثر من كفارة قالوا لأنّه مأمور بالإمساك بعد جماعه الأول، فإذا جامع ثانية فقد أخلّ إخلالا ثانيا، لكن هذا يضعف قوله: جامعت أهلي في نهار رمضان وأنا صائم، وأولئك يعتذرون بأنه في حكم الصائم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر في يوم عاشوراء لما نزلت فرضيته أن يمسك بقية اليوم مع أنهم مفطرون حقيقة، ونزّلهم في حكم الصائم وهذا معروف عند الجمهور في مسألة إلحاق المعذور أو المخلّ بالأصل.

[وكل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع؛ فعليه كفارة]: هذا على الأصل الذي ذكرناه في حديث عاشوراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بإمساك بقية اليوم، ومن قدم من السفر وهو مفطر في سفره ودخل إلى بيته يجب عليه أن يمسك بقية اليوم؛ لأنّ العذر قد زال، وهذا شيء تعبّديّ ولذلك أمر يوم عاشوراء نزلت فرضيته أثناء اليوم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فرض عليكم صوم يومكم هذا في مقامي هذا، فمن أصبح منكم صائما؛ فليتم صومه، ومن أصبح منكم مفطرا؛ فليمسك بقية يومه)) فدلّ على وجوب الإلزام وهذا واضح يعني العلماء قرروه وإن كان البعض يقول ما له دليل، وله دليل واضح من السنة وهو إمساك بقية اليوم مع وجود العذر في الأصل.

[وإن أخّر القضاء لعذر حتى أدرك رمضان آخر فليس عليه غيره]: إذا كان لعذر، وأما إذا لم يكن لعذر؛ فإنه يجب عليه أن يكفّر فيما اختاره المصنّف والجمهور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير