وتعتبر النية لكل يوم وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي و ابن المنذر وعن أحمد أنه تجزئه نية واحدة لجميع الشهر إذا نوى صوم جميعه وهذا مذهب مالك و إسحاق، وقالوا هو كصلاة واحده .......... والصحيح أنه صوم واجب فوجب أن ينوي كل يوم من ليلته.
قال ابن عبد الحكم - من المالكيّة -: لا بدّ في الصّوم الواجب المتتابع من النّيّة كلّ يوم، نظراً إلى أنّه كالعبادات المتعدّدة، من حيث عدم فساد ما مضى منه بفساد ما بعده.
قال ابن حزم: [المحلى - (ج 6 / ص 163)]
أنهم قالوا: رمضان كصلاة واحدة , قال أبو محمد: وهذه مكابرة بالباطل، لان الصلاة الواحدة لا يحول بين أعمالها بعمد ما ليس منها أصلا، وصيام رمضان يحول بين كل يومين منه ليل يبطل فيه الصوم جملة ويحل فيه الاكل والشرب والجماع، فكل يوم له حكم غير حكم اليوم , الذى قبله واليوم الذى بعده، وقد يمرض فيه أو يسافر أو تحيض، فيبطل الصوم، وكان بالامس صائما ويكون غدا صائما، وانما شهر رمضان كصلوات اليوم والليلة، يحول بين كل صلاتين ما ليس صلاة، فلابد لكل صلاة من نية، فكذلك لا بد لكل يوم في صومه من نية أ. هـ
وذهب الجمهور إلى تجديد النّيّة في كلّ يوم من رمضان، من اللّيل أو قبل الزّوال - على الخلاف السّابق - وذلك: لكي يتميّز الإمساك عبادةً، عن الإمساك عادةً أو حميةً.
ولأنّ كلّ يوم عبادة مستقلّة، لا يرتبط بعضه ببعض، ولا يفسد بفساد بعض، ويتخلّلها ما ينافيها، وهو اللّيالي الّتي يحلّ فيها ما يحرّم في النّهار، فأشبهت القضاء، بخلاف الحجّ وركعات الصّلاة.
خامسا: استمرار النّيّة:
اشترط الفقهاء الدّوام على النّيّة، فلو نوى الصّيام من اللّيل ثمّ رجع عن نيّته قبل طلوع الفجر لا يصير صائماً.
قال الطّحاويّ: ويشترط الدّوام عليها.
فلو نوى من اللّيل، ثمّ رجع عن نيّته قبل طلوع الفجر، صحّ رجوعه ولا يصير صائماً، ولو أفطر لا شيء عليه إلاّ القضاء، بانقطاع النّيّة بالرّجوع، فلا كفّارة عليه في رمضان، لشبهة خلاف من اشترط التّبييت، إلاّ إذا جدّد النّيّة، بأن ينوي الصّوم في وقت النّيّة، تحصيلاً لها، لأنّ الأولى غير معتبرة، بسبب الرّجوع عنها.
ولا تبطل النّيّة بقوله: أصوم غداً إن شاء اللّه، لأنّه بمعنى الاستعانة، وطلب التّوفيق والتّيسير.
قال البهوتيّ: وكذا سائر العبادات، لا تبطل بذكر المشيئة في نيّتها.
ولو نوى الإفطار في أثناء النّهار فمذهب الحنفيّة والشّافعيّة أنّه لا يفطر، كما لو نوى التّكلّم في صلاته ولم يتكلّم.
وقال المالكيّة والحنابلة: يفطر، لأنّه قطع نيّة الصّوم بنيّة الإفطار، فكأنّه لم يأت بها ابتداءً.
س: ماذا على من نسي النية؟
الجواب:
قال ابن حزم المحلى: [(ج 6 / ص 164وما بعدها)]
مسألة: ومن نسى ان ينوى من الليل في رمضان فأى وقت ذكر من النهار التالى لتلك الليلة سواء أكل وشرب ووطئ أولم يفعل شيئا من ذلك فانه ينوى للصوم من وقته إذا ذكر، ويمسك عما يمسك عنه الصائم، ويجزئه صومه ذلك تاما، ولا قضا عليه، ولو لم يبق عليه من النهار الا مقدار النية فقط، فان لم ينو كذلك فلا صوم له، وهو عاص لله تعالى متعمد لابطال صومه ولا يقدر على القضاء , وكذلك من جاءه الخبر بأن هلال رمضان رؤى البارحة فسواء أكل وشرب ووطئ , أولم يفعل شيئا من ذلك في أي وقت جاء الخبر من ذلك اليوم ولو في آخره كما ذكرنا , فانه ينوى الصوم ساعة صح الخبر عنده، ويمسك عما يمسك عنه الصائم، ويجزئه صومه ولاقضاء عليه، فان لم يفعل فصومه باطل، كما قلنا في التى قبلها سواء سواء , وكذلك ايضا من عليه صوم نذر معين في يوم بعينه فنسى النية وذكر بالنهار فكما قلنا ولا فرق , وكذلك من نسى النية في ليلة من ليالى الشهرين المتتابعين الواجبين ثم ذكر بالنهار، ولافرق , وكذلك من نام قبل غروب الشمس في رمضان، أو في الشهرين المتتابعين، أو في نذر معين فلم ينتبه إلا بعد طلوع الفجر أو في شئ من نهار ذلك اليوم، ولو في آخره، فكما قلنا أيضا آنفا سواء سواء، ولا فرق في شئ اصلا , فلو لم يذكر فى شئ من الوجوه التى ذكرنا، ولا استيقظ حتى غابت الشمس: فلا اثم عليه، ولم يصم ذلك اليوم، برهان قولنا: قول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ
¥