تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما أخرجاه أيضا من حديث ميمونة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض"

وجه الاستدلال بالخبرين:

أن هذا فعل منه صلى الله عليه وسلم، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن فعله صلى الله عليه وسلم المجرد يدل على الوجوب].

وأجيب: أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن فعله صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب].

قال الإمام ابن دقيق العيد -رحمه الله- في الإحكام ص195: "وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِمَنْعٍ وَلَا جَوَازٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ: فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْمُخْتَارِ ".

3 - ما أخرجه أبو داود في السنن من حديث حرام بن حكيم، عن عمه، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: «لك ما فوق الإزار».

وجه الاستدلال بالخبر:

منطوق هذا الخبر إباحة ما فوق الإزار، ومأخذ الإباحة من لام الاختصاص في قوله: «لك»، إذ القاعدة في الأصول: [أن لام الاختصاص تفيد الإباحة]، ومفهومه المخالف الظرفي تحريم ما تحت الإزار، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن مفهوم المخالفة الظرفي حجة في إثبات الأحكام].

وأجيب عنه من جهتين:

الجهة الأولى: الثبوت:

أعل هذا الحديث بأربع علل:

-مروان بن محمد الأسدي الطاطري: ضعفه ابن قانع، وقد تبعه على ذلك أبو محمد ابن حزم رحمه الله، [انظر: تهذيب التهذيب (10/ 96)] والقاعدة في الأصول: [أن ضعف الراوي يقتضي رد خبره].

- الهيثم بن حميد الغساني مولاهم: ضعفه أبو مسهر رحمه الله، [انظر تهذيب التهذيب (11/ 81) والقاعدة في الأصول: [أن ضعف الراوي يقتضي رد خبره].

- العلاء بن الحارث الحضرمي: ثقة تغير عقله، قاله أبو داود رحمه الله، [انظر: تهذيب التهذيب (8/ 157) قلت: ولم يتميز حديثه، والاختلاط ضرب من سوء الحفظ، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره].

- حرام بن حكيم الأنصاري: مجهول، قاله ابن القطان الفاسي رحمه الله، انظر: بيان الوهم والإيهام (3/ 312)، والقاعدة في الأصول: [أن جهالة الراوي تقتضي رد خبره].

ونوقش هذا الجواب بما يلي:

- مروان بن محمد الطاطري ثقة، وثقه أبو حاتم، وصالح بن محمد جزرة، والدارقطني، وجرح من ضعفه غير مفسر، والقاعدة في الأصول: [أن التعديل مقدم على الجرح غير المفسر عند التعارض].

- الهيثم بن حميد الغساني مولاهم: ثقة، وثقه ابن معين، وأبو داود، وجرح من ضعفه غير مفسر، والقاعدة في الأصول: [أن التعديل مقدم على الجرح غير المفسر عند التعارض].

- العلاء بن الحارث الحضرمي خرج له مسلم في الصحيح. انظر تهذيب التهذيب (8/ 157).

- حرام بن حكيم الأنصاري ثقة، وثقه دحيم، والدارقطني. [انظر تهذيب التهذيب (2/ 195) والقاعدة في الأصول: [إذا تعارض التوثيق والتجهيل قدم التوثيق]، ومأخذ هذه القاعدة أن الموثق معه زيادة علم فيتعين المصير إليه.

وردت المناقشة:

بأن العلاء مختلط ولم يتميز حديثه، والاختلاط ضرب من سوء الحفظ، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره]، وتخريج مسلم له في الصحيح لا يصلح أن يكون دليلا على قبول روايته، وهذا حاله.

إذا تقرر ذلك، وتقرر أن القاعدة في الأصول: [أن الحديث الضعيف ليس بحجة في إثبات الأحكام]، فلا يصح الاحتجاج بهذا الحديث.

الجهة الثانية: الدلالة:

والجواب عنها من وجهين:

- أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن المفهوم المخالف الظرفي ليس بحجة في إثبات الأحكام].

-سلمنا أنه حجة، لكنه معارض بمنطوق حديث أنس مرفوعا: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»، والقاعدة في الأصول: [أن المنطوق مقدم على المفهوم عند التعارض].

قال موفق الدين ابن قدامة -رحمه الله- في المغني (1/ 415) " ثم ما ذكرناه منطوق، وهو أولى من المفهوم ".

ونوقش الوجه الثاني بما يلي:

- أن المنطوق عام، والقاعدة في الأصول -عند جماعة-: [يجب تخصيص المنطوق بالمفهوم المخالف].

-أنه لا يسلم بأن هذا الحديث مفهوم من جهة المعنى، بل هو منطوق، وذلك لأنه وقع جوابا عن قول السائل: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟،

فمعناه: جميع ما يحل لك ما فوق الإزار، لأن معنى السؤال جميع ما يحل ما هو؟، والقاعدة في الأصول: [يجب مطابقة الجواب للسؤال].

انظر: فتح القدير لابن الهمام رحمه الله (1/ 167).

- أن حديث أنس رضي الله عنه مبيح، وحديث عبد الله بن سعد رضي الله عنه حاظر، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [يجب تقديم الحاظر على المبيح عند التعارض]،فهو أقوى من هذه الحيثية.

قال ابن نجيم رحمه الله في البحر الرائق (1/ 208): "فالترجيح له؛ لأنه مانع، وذلك مبيح ".

وردت المناقشة:

بأن القاعدة في الأصول -على الصحيح-: [إذا تعارض الحاظر والمبيح تساويا ورجع إلى الأصل].

وبناءً على ما سبق فالراجح في المسألة القول الأول.

.................................................. ...........................................

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير