تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال أبو الوليد ابن رشد -رحمه الله- في بداية المجتهد (130/ 1): " وقد رجح الجمهور مذهبهم بأن صيغة التفعل إنما تنطلق على ما يكون من فعل المكلفين لا على ما يكون من فعل غيرهم فيكون قوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أظهر في معنى الغسل بالماء منه في الطهر الذي هو انقطاع الدم والأظهر يجب المصير إليه حتى يدل الدليل على خلافه ".

وردت المناقشة: بأن هذه القرينة تبطل أحد المعاني، وهو انقطاع الدم، ويبقى اللفظ متردداً بين المعنيين الآخرين.

الوجه الثاني: أن القاعدة في الأصول-عند جماعة-: [يجب حمل المشترك على جميع معانيه إذا لم تكن متعارضة]، ومن ثم فلا إجمال.

وردت المناقشة: بأن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [لا يجوز حمل المشترك على جميع معانيه].

3 - أن مفهوم الشرط في عجز الآية عارضه مفهوم الغاية في صدرها، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أنه إذا تعارض مفهوم الغاية ومفهوم الشرط قدم مفهوم الغاية]، ومأخذ التقديم أنه الأقوى، وبحث ذلك في الأصول.

[انظر: جمع الجوامع لابن السبكي مع شرحه للجلال المحلي (206/ 1)].

(فائدة):

((مفهوم الغاية في قوله: " حتى يطهرن "، فمد الله عز وجل التحريم إلى غاية، وهي انقطاع الدم، ومقتضى الغاية: أن ما بعدها مخالف لما قبلها في الحكم، فمفهوم المخالفة الغائي هنا: حل المرأة لزوجها إذا نقطع دمها ولو لم تغتسل)).

قال ابن التركماني الحنفي-رحمه الله- في الجوهر النقي (310/ 1): " ثم أسند البيهقي (عن مجاهد في قوله تعالى حتى يطهرن حتى ينقطع الدم فإذا تطهرن قال إذا اغتسلن) قلت: على هذا التفسير صدر الآية يقتضى جواز القربان بعد الانقطاع قبل الاغتسال من باب مفهوم الغاية؛ لأنه جعل الانقطاع غاية للمنع من القربان، وما بعد الغاية مخالف لما قبلها، وعجز الآية يقتضى حرمته قبل الاغتسال من باب مفهوم الشرط، فتعارضت دلالتا المفهومين، وقد قال بمفهوم الغاية جماعة لم يقولوا بمفهوم صفة ولا شرط، فعلى هذا ينبغي أن تقدم دلالة مفهوم الغاية، وبهذا يظهر أنه لا دليل للبيهقي

في تفسير مجاهد هذا ".

وأجيب: بأن القاعدة في الأصول -عند جماعة-: [أنه إذا تعارض مفهوم الغاية ومفهوم الشرط قدم مفهوم الشرط].

قال أبو بكر ابن العربي -رحمه الله- في أحكام القرآن (216/ 1): " قُلْنَا: إنَّمَا يَكُونُ حُكْمُ الْغَايَةِ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً، فَأَمَّا إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا شَرْطٌ آخَرُ فَإِنَّمَا يَرْتَبِطُ الْحُكْمُ بِمَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}؛ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَكَمَا بَيَّنَّاهُ ".

وإذا تقرر ذلك فلا يصح استدلالهم بهذه الآية.

واستدلوا أيضاً بأدلة أخرى، ومنها:

* أن الإجماع منعقد على حرمة وطء المرأة في الحيض، فيستصحب التحريم حتى يتفق على الإباحة، ولم يحصل الاتفاق إلا إذا نقطع دمها، واغتسلت في جميع جسدها، وهذا ما يسمى عند الأصوليين: (باستصحاب الإجماع في محل الخلاف)،

والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن استصحاب الإجماع في محل الخلاف حجة في إثبات الأحكام].

وأجيب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أنه قد ورد الدليل الناقل، والقاعدة في الأصول: [أن عدم ورود الناقل شرط لحجية الاستصحاب].

الوجه الثاني: أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن استصحاب الإجماع في محل الخلاف ليس بحجة في إثبات الأحكام].

(فوائد):

1 - ضابط استصحاب الإجماع في محل الخلاف:

" أن يجمع العلماء على مسألة، ثم تتغير إحدى صفاتها فيحصل الخلاف، فيحكم بالإجماع في ذلك المحل بناء على ثبوته فيما قبل".

2 - الاستدلال بهذا الدليل لا يستقيم على مذهب الجمهور، إذ هم لا يقولون بهذا النوع من الاستصحاب.

[انظر: البحر المحيط للزركشي (22/ 6)، والإبهاج لابن السبكي (182/ 3)].

وقد احتج به أهل الظاهر، وجماعة.

[انظر: الإحكام لابن حزم (5/ 5)، و التبصرة للشيرازي (526)].

والحق في هذه المسألة: أن هذا النوع من الاستصحاب ليس بحجة، ويدل على ذلك أدلة، ومنها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير