أولاً: كتب الخلاف: فأجمع ما للحنابلة في هذا النوع الخلاف الكبير للقاضي أبي يعلى، وقد سلك فيه مسلكاً واسعاً، واستدل بأحاديث كثيرة، لكن تعقبه في أحاديثه الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي البكري وسمي كتابه هذا التحقيق في مسائل التعليق، وطريقته أنه يذكر المسألة فيقول مثلاً: مسألة الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، ثم يفيض في بيان الحديث، فيذكره أولاً بإسناده ثم يتكلم عليه بكلام كاف شاف، ثم تلاه الإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد ابن قدامة الصالحي فنقَّح التَّعليق لابن الجوزي، وحذف أسانيده، ونسب أحاديثه إلى من خرجها من الأئمة الأعلام، وتكلم عليها بما يليق بها وسمى كتابه التَّحقيق في أحاديث التَّعليق.
ثانياً: كتب المفردات: فمنها المفردات للقاضي أبي يعلى الصغير، ومنها المفردات لأبي الخطاب محفوظ الكلوذاني وقد سمى كتابه بالانتصار في المسائل الكبار وكلاهما يذكران أفراد المسائل الكبار من الخلاف بين الأئمة، وينتصران لمذهب الإمام أحمد مع ذكر ما استدل به أصحاب كل إمام لنصرة إمامه وهدمه، ومنها مفردات الإمام أبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي، وقد نظم المفردات العلامة محمد بن علي بن عبد الرحمن ابن الشيخ أبي عمر بن قدامة في ألفية من بحر الرجز.
ثالثاً: كتب القواعد: فمنها كتاب القواعد لابن قاضي الجبل، وطريقة هذا الكتاب ذكر القاعدة أولاً، ثم يفرع على هذه القاعدة، وللإمام سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي كتابان في هذا النوع أحدهما: القواعد الكبرى والثاني: القواعد الصغرى، وللحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي ثم الدمشقي كتاب في القواعد يدل على معرفة تامة بالمذهب وهو كتاب نافع، ومنها القواعد لعلاء الدين علي بن عباس البعلي الحنبلي المعروف بابن اللحام، وهي قواعد مختصرة مفيدة جداً.
رابعاً: كتب الفروق: فهذا النوع كثيراً ما يوجد في كتب الفروع وشروح المتون، وقد أفرد بالتأليف في بعض الكتب، منها كتاب الفروق لأبي عبد الله السَّامُّرِّي بضم الميم وكسر الراء مشددة ذكر فيه المسائل المشتبهة صورة المختلفة أحكامها وأدلتها وعللها، فتارة يجعل الفرق من الحديث، وتارة من جهة القواعد الأصولية، وهو كتاب جد نافع.
خامساً: كتب الأحكام السلطانية: فهناك ثلاث مؤلفات هي أشهر المؤلفات في هذا النوع عند الحنابلة:
أولها: الأحكام السلطانية مجلد مفيد جداً للإمام أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء.
والثاني: لشيخ الإسلام تقي الدين الإمام أحمد بن تيمية.
والثالث: للإمام شمس الدين محمد ابن القيم.
سادساً: كتب الآداب: إن فن الآداب فن شريف. قد يذكر مفرقاً في كتب الفقه كالمستوعب، والإقناع، ومختصر الإفادات، وغيرها. وقد أفرده كثير من الحنابلة بالتأليف كابن أبي موسى وغيره، وأجمع ماصنف في هذا النوع كتاب الآداب الشرعية والمصالح المرعية لشمس الدين محمد بن مفلح صاحب الفروع، فإنه جمع فيه كثيراً من كتب من تقدمه في هذا النَّمط وسرد أسماءها في خطبة كتابه، وقد أجاد فيه وأفاد ووفى بالمراد، وله أيضاً الآداب الصغرى في مجلد، وللإمام الفقيه المحدث محمد بن عبد القوي بن بدران المقدسي منظومتان في هذا النوع من بحر الطويل، إحداها: صغرى، وقد شرحها الشيخ شرف محمد الحجاوي، والثانية: ألفية وقد شرحها الشيخ علاء الدين المرداوي، ثم شرحها الشيخ محمد السفاريني الحنبلي، وسمى شرحه غذاء الألباب بشرح منظومة الآداب فجاء شرحاً نفيساً في مجلدين.
سابعاً: كتب الأصول: والقصد هنا ذكر الأنفع منها للمشتغل بهذا الفن، ولنقسم ذلك إلى قسمين:
أولها: المتون المختصرة، فمنها قواعد الأصول ومعاقد الفصول لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحي بن عبد الله بن علي بن مسعود القطيعي اختصره من كتاب له سماه تحقيق الأمل، وجرده عن الدلائل، ومنها مختصر مفيد في الأصول لعلي بن عباس البعلي الحنبلي المعروف بابن اللحام جعله محذوف التعليل والدلائل وأشار فيه إلى الخلاف والوفاق في غالب المسائل، ومنها مختصر الروضة القدامية للعلامة سليمان الطوفي مشتمل على الدلائل مع التحقيق والتدقيق والترتيب والتهذيب، وقد شرحه مؤلفه في مجلدين حقق فيهما فن الأصول، وأبان فيه عن باعٍ واسعٍ في هذا الفن واطلاع وافر، وبالجملة فهو أحسن ما صنف في
¥