[فائدة: كتاب العين لم يتمه الخليل]
ـ[السدوسي]ــــــــ[29 - 03 - 07, 04:43 م]ـ
طبقات الشعراء - (ج 1 / ص 26)
كان الخليل بن أحمد منقطعاً إلى الليث بن نصر بن سيار، وكان الليث من أكتب الناس في زمانه، وكان بارع الأدب، بصيراً بالنحو والشعر والغريب، وكان يكتب للبرامكة، ويطير معهم في دولتهم بجناحين، وكانوا معجبين، فارتحل إليه الخليل بن أحمد، فلما عاشره وجده بحراً، فأجزل له وأغناه. وأحب الخليل أن يهدي إليه هدية تليق به، فأقبل وأدبر، وعلم أن المال والأثاث لا يقع منه موقعاً حسناً، لوجود ذلك عنده، وكثرته لديه، وأنه لا يسر بشيء سروره بمعنى لطيف من الأدب، فجهد نفسه في تصنيف كتاب العين، فصنفه لليث بن نصر دون سائر الناس، ونمقه وحبره، وأخرجه في أسرى ظرف وأحسن خط، فوقع منه موقعاً: عظيماً، وسر به سروراً شديداً، فوصله بمائة ألف درهم، واعتذر إليه من التقصير، وأقبل ينظر فيه ليلاً ونهاراً، ولا يمل منه ولا يفتر، وكان يغدو ويروح على البرامكة، فكأنه على الرضف حتى يرجع إلى الكتاب وينظر فيه، إلى أن حفظ نصف الكتاب. وكانت تحته بنت عم له، وكانت سرية نبيلة موسرة جميلة، وكانت تهوى ابن عمها وتحبه، فاشترى الليث جارية نفيسة فائقة الجمال، بثمن جزيل، فأقعدها في منزل صديق له يتسرى بها، فبلغ ذلك ابنة عمه، فوجدت من ذلك أشد وجد، وحزنت وقالت: والله لأغيظنه ولا أتقي الغاية. وقالت: إن غظته في المال فهو لا يبالي به ولا يكترث له، ولكني أراه مشغوفاً بهذا الكتاب، وقد هجر كل لهو ولذة، وأقبل على النظر فيه، والله لأفجعنه به. ثم عمدت إلى الكتاب بأسره فأحرقته، فلما كان بالعشي، وراح الليث من دار البرامكة، ودخل المنزل، لم يكن له هم إلا الكتاب، فصاح بالغلام أن يحمله إليه، فلم يوجد الكتاب، وكاد يطير طيشاً، وظن أنه سرق، فجمع غلمانه وتهددهم. فقال بعضهم: يا سيدنا أخذته الحرة، فبادر إليها ليترضاها ويسترجع الكتاب، وقال لها: ردي الكتاب والجارية لك، وقد حرمتها على نفسي، فأخذت بيده، وأدخلته البيت الذي أحرقته فيه، فلما نظر إلى رماده وصح عنده أنه احترق، سقط في يديه. وظن أنه أصيب بمال عظيم أو يولد أو أعظم منه، وكان قد حفظ نصف الكتاب، ويبقى عليه نصفه - وقد مات الخليل - فطلبه في الدنيا كلها فأعجزه ذلك، ولم تكن النسخة وقعت إلى أحد، فاستدرك النصف من حفظه وجمع على النصف الباقي علماء أهل زمانه. فقالوا: ما تروم؟ قال: مثلوا عليه، فمثلوا، فلم يلحقوه، ولا شقوا غباره. فأنت ترى ما في أيدي الناس من ذلك، فإذا ما تأملته تراه نصفين، النصف الأول أتقن وأحكم، والنصف الآخر مقصر عن ذلك.
ومما يؤكد أن النصف الذي في أيدي الناس من حفظ الليث ماجاء في تصحيح التصحيف وتحرير التحريف - (ج 1 / ص 35)
خالف الخليلُ بن أحمد الناسَ في أشياء منها: بُغاث، بغين منقوطة، وهذا يوم مشهور من أيام الأوس والخزرج، وهو يوم بُعاث، بعين غير منقوطة.
قلت: قد وَهِمَ ابن دريد في نسبة هذا القول الى الخليل وإنما هو عن الليث وهو الذي ألف كتاب العين.
وهناك من يشكك في نسبة الكتاب أصلا فقد جاء في معجم الأدباء - (ج 2 / ص 284)
وحدث الحاكم أبو عبد الله بن البيع في كتاب نيسابور عن العباس بن مصعب قال: سئل النضر بن شميل عن الكتاب الذي ينسب إلى الخليل بن أحمد ويقال له كتاب العين، فأنكره فقيل له: لعله ألفه بعدك؟ فقال: أو خرجت من البصرة حتى دفنت الخليل بن أحمد؟.
ولكن لاإشكال إذا علمنا أنه ألفه سرا.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[29 - 03 - 07, 06:41 م]ـ
بارك الله بك أخي الفاضل السدوسي.
ـ[محمدباطين]ــــــــ[02 - 04 - 07, 01:54 ص]ـ
بارك الله فيك يا اخ وجزاك الف خير انا طالب جامعي اسال دلوني علي كتب جديدة في النحو
ـ[السدوسي]ــــــــ[02 - 04 - 07, 08:10 ص]ـ
وفيكما بارك، وجزاكما الله خيرا.