تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصواب في ذلك ما قاله الشافعي رحمه الله من أن المتطوع أمير نفسه فهو بالخيار إن شاء أمضى اعتكافه، وإن شاء ترك ولا إثم عليه. والأدلة الصحيحة الصريحة تدل على هذا القول، فعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها، ففعلت فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبني لها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه فبصر بالأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آلبر أردن بهذا؟ ما أنا بمعتكف " فرجع فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال " [أخرجه البخاري ومسلم] قال بعض العلماء فيه دليل على أنه يجوز للمعتكف أن يقطع اعتكافه ما لم يكن نذراً أو أوجبه على نفسه.

دخول المُعْتَكِف:

بالنسبة للاعتكاف سنة في كل وقت، ولو للحظة، فيدخل المعتكف إلى المسجد في أي وقت شاء ويخرج في أي وقت شاء، أما بالنسبة للاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فيدخل المعتكف إلى المسجد بعد صلاة الصبح ويخرج بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان وهو قول الإمام أحمد، وسيأتي الدليل على صحة هذا القول في حديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري وغيره، وقيل: يدخل قبل غروب شمس يوم العشرين من رمضان، ويخرج بعد غروب شمس ليلة العيد وهو قول مالك ابن أنس وسفيان الثوري. فدخوله قبل غروب الشمس ليتحقق كمال الليلة، وخروجه بعد الغروب ليتحقق كمال النهار.

شروط الاعتكاف:

يشترط لصحة الاعتكاف ما يلي:

1 - الإسلام: فلا يصح من كافر، لأنه من فروع الإسلام، والكافر لا يقبل منه عمل مادام على كفره.

2 - العقل: فلا يصح الاعتكاف من مجنون أو صغير غير مميز، لأنه لا بد فيه من نية، والمجنون والصغير لا يدرك ذلك المعنى.

3 - المسجد: فلا بد ان يكون الاعتكاف في مسجد، ولا يصح في غير المسجد.

4 - النية: فلا يصح من غير نية، لأنه عبادة والعبادة لا بد فيها من نية، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات " [متفق عليه].

5 - الطهارة الكبرى: فلا يجوز للمعتكف أن يدخل المسجد وهو جنب إلا عابر سبيل فقط، أما أن يعتكف ويلزم المسجد وهو جنب فلا يجوز بل ذلك محرم عليه، فلا بد من الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس من أجل المكث في المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " [أخرجه أبو داود وابن خزيمة وغيرهما وضعفه الألباني في تمام المنة 118].

6 - إذن الزوج للزوجة: فكما أن المرأة لا تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها، فكذلك الاعتكاف لا تعتكف إلا بإذنه، ولو كان اعتكافها منذوراً. ويدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها، فضربت خباء. فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية فقال: ما هذا؟ فأخبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم آلبر تُرَون بهن؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم اعتكف عشراً من شوال " [أخرجه البخاري]. وقد جاء عند أبي داود: " أن حفصة استأذنته فأذن لها وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان، وإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه، قال: فاستأذنته عائشة أن تعتكف فأذن لها، فضربت فيه قبة، فسمعت بها حفصة فضربت قبة، وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغداة أبصر أربع قباب، فقال: " ما هذا؟ فأخبر خبرهن، فقال: " ما حملهن على هذا؟ آلبر؟ انزعوها فلا أراها " فنزعت فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال " [أخرجه البخاري]

قال ابن حجر رحمه الله:

في الأحاديث السابقة دليل على ان المراة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها، وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يخرجها، وإن كان بإذنه فله أن يرجع فيمنعها [فتح الباري 4/ 351].

ما يجوز للمعتكف وما لا يجوز:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير