وهذا ابن النابلسي أحمد بن محمد بن سهل الرملي دعاه الخليفة العبيدي، وبنو عبيد كانوا قد غيروا الدين، وأزالوا الملة، وقتلوا الصالحين، فلما حضر ابن النابلسي الرملي قال له الخليفة: بلغني أنك تقول: إذا كان للرجل عشرة أسهم فيرمي فينا واحداً وفي الروم تسعة، فهل هذا الكلام صحيح؟ قال: لم أقل هكذا، بل قلت: يرمي فيكم تسعة ويرمي العاشر الروم، فإنكم غيرتم الملة، وقتلتم الصالحين. فأمر بيهودي فسلخه وهو حي -وهذه قصة صحيحة ومشهورة- فكان يذكر الله وهو يسلخ حتى وصل إلى رأسه، فقال ابن النابلسي: كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا [الإسراء:58]، وكان الدارقطني -إمام المسلمين في زمانه- إذا ذكر ابن النابلسي يبكي، كيف أنه جاد بنفسه! ومن أين له هذا الصبر؟! يسلخ حتى إذا وصل إلى رأسه قال: كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا [الإسراء:58]؟!! فما بدل ولا غير، والثابت من ثبته الله؛ ولذلك يشرع للمسلم أن يقول دائماً: لا حول ولا قوة إلا بالله. اخرج من حول نفسك وقل: رب! لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا ما دونها، فإن الله عز وجل يقول: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، أي: لا فضل لك إذا صبرت، إنما هو الله الذي صبّرك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الشهيد لا يشعر بوقع القتل إلا كما يشعر أحدكم بالقرصة)، أفيسلم الله عز وجل أولياءه للناس؟! أفلا يري هؤلاء الأولياء كرامته وأنه لا يتخلى عنهم حتى يقوي قلوبهم على المضي في طريقه وسبيله!
فهذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وكان من أبر الناس بأمه، بل كان يضرب به المثل في البر بأمه، فلما أسلم قالت له أمه: ما هذا الدين الذي أنت عليه؟! لا آكل ولا أشرب حتى ترجع عن دينك فأموت فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمك! وفعلاً امتنعت من الأكل يومين أو ثلاثة، حتى كانوا إذا أرادوا أن يطعموها فغروا فمها بالعصا حتى تأكل، فقال لها سعد كلاماً واضحاً، معناه: (يا أماه! والله لو كان لكِ مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني، كلي أو دعي)،
نعم إن الرجل الواحد من اصحاب الهمم والمعالي ...
لحري بأمة بأكملها أن تبكي لفقده ...
. إن بعض الناس لا يلتزم بهذا الدين إلا إذا أعطي شيئاً من متاع الدنيا، فإن أعطي شيئاً رضي والتزم بهذا الدين، وإن لم يعط ما يريد انتكس مرة أخرى: (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة:58]. وفي أمثال هؤلاء يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري وابن ماجة وغيرهما من حديث أبي هريرة: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، إن أُعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).
أخي لا تتعلق ...
ببعض قضايا الماضي:
كأن تكثر التفكير ببعض المعاصي التي عملتها سابقاً وتتلذذ بهذا التفكير , أو
تحتفظ بأفلام أو صور أو أشرطة قديمة أو غير ذلك مما يذكرك بالماضي, ومن أهم ما
يذكر الإنسان بالماضي صديق الماضي , الصديق قبل الالتزام وهو من أخطر الأسباب
هو مفتاح للماضي , فربما يذكر بما اقترف في الماضي ولو كان ما اقترفه مباحاً
, وهذا التذكير يحرك المشاعر للرغبة في إعادة الذكريات.
موافقته لهوى الشخص , وبذلك يكون قد جابه ثلاثة جيوش: الشيطان , الهوى ,
هذا الصديق.
وانفرد مع الشباب الصالحين:
يقول الله تعالى ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشيّ يريدون
وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا)) .. الله أكبر قيلت لرسولنا بأن يصبر مع الصحابة فكيف بنا نحن ... !!!
أما كان حريا أن يقال لك (أنت مع من أحببت) و (هم القوم لا يشقى بهم جليس)
فأين ستذهب ... ومن ستحب!!
أخيرا تذكر
حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي أذنب ثم استغفر فقال رب العزة والجلال: (علم عبدي أن له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ به، أشهدكم أني قد غفرت له ... ) ولذلك قال الحسن البصري: (يتوب ويستغفر وإن عاد مراراً. فقيل له: إلى متى؟ فقال: حتى يكون الشيطان هو المدحور).
واعلم أن التائب لا بد له من عزيمة، وأرجو أن تستفيد من هذه المواسم الطيبة فتكثر من الصيام في شعبان، وتجتهد في العبادة في رمضان، وإذا كنت تستطيع أن تترك الطعام والشراب لله فكيف تعجز عن ترك المعاصي والذنوب!!
فاستعن بالله ولا تعجز، وتضرع إليه فإنه يجيب من دعاه.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
[
إلى من حاد عن صفي ,,, وولىّ تاركا كفي
ضللت الدرب يا صاحي ,,, وخنت العهد يا ألفي
نسيت القول يا صاحي ,,, وصرت اليوم مفتونا
فسال الدمع مدرارا ,,, وبات القلب محزونا
إلى من قال لي يوما ,,, يمين الله لن أخنع
سأبقى ثابتا دوما ,,, وللشيطان لن اركع
فكيف الملتقى خَبِّر,,, وكيف نكون اخوانا
وليل الذنب تهواه ,,, ونحن الفجر يهوانا [/ CENTER]
¥