تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعدم السماع ليس علة مطلقاً، بل هناك مما لم يسمع ما هو أصح مما سمع، لقرينةٍ قوية دفعت تلك العلة، كاحتراز الناقل وشدة تحريه؛ كسعيد عن عمر، أو لكونه من كتاب صحيح، كرواية التفسير عن مجاهد، أو لمعرفة الواسطة ولم تذكر، كالنخعي عن ابن مسعود، وابن سيرين عن ابن عباس.

وقد يُشْكِل على البعض أن من يروي عن مجاهد بن جبر لم يسمع التفسير منه، وإنما هو من كتاب؛ فيقال: إن القاسم بن أبي بَزَّه هو من الثقات الكبار، وكتابه صحيح، وقد اعتنى بكتابه؛ فكل من روى عنه ذلك الكتاب على أخذٍ صحيح؛ فالرواية عنه صحيحةٌ معتبرةٌ.

يقول ابن تيمية: " ليس بأيدي أهل التفسير تفسير أصح من تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر".

وأكثر تفسير مجاهد هو من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه، بل هو ناشر تفسيره، وأخص الناس به، ويرويه عنه أيضاً شبل بن عباد وعيسى بن ميمون. ويأتي بعد ذلك رواية ابن جريج عن مجاهد.

ومن الرواة عن مجاهد بن جبر:- ليث بن أبي سُليم، وهو ضعيف بالاتِّفاق، لضعف حفظه، لكنه في التفسير يَروي من كتابٍ، كما قال ذلك ابن حبان - وقد تقدَّم قوله - وقال يحيى بن سعيد: " تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث - ثم ذكر ليث بن أبي سُليم .. ".

وحديثه عنه محمول على الصحة؛ لأن ضعف ليثٍ من جهة حفظه وضبطه، وقد أخذ التفسير من كتاب القاسم. وكتابه صحيح، ولا أرى ما يوجب رَدَّه، وقد سَبَرْت حديثه عن مجاهد في التفسير، فلم أر ما ينفرد به مما يوجب رده، ولا ما يستنكر إلا شيئاً قليلاً، لا يضره مع كثرة حديثه، روى عنه تفسيره جماعة من الثقات وغيرهم منهم سفيان، وابن فضيل، وإسماعيل بن إبراهيم.

وعلق له البخاري في "صحيحه" في الطب عن مجاهد عن ابن عباس حديثاً مجزوماً به.

وما استُنْكِرَ من حديثه، فهو قليل، وبعضُه قد توبع عليه؛ من ذلك ما رواه عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: (مقاماً محموداً) قال: يُجلسه معه على عرشه؛ فقد تُوبع عليه، فقد أخرجه الخلال في السنة من طريق عبد الرحمن بن شريك، عن أبيه عن عطاء بن السائب، وليث بن أبي سليم، وجابر بن يزيد، كلهم عن مجاهد، به.

- ومن الرواة عن مجاهد: عطاء بن السائب ويرويه عن عطاء بن السائب جماعة؛ منهم محمد بن فضيل؛ وعمران بن عُيينة، وشريك.

وعطاء ثقة اختلط بآخر، روى عنه السفيانان وشعبة وزهير بن معاوية وزائدة وأيوب والأعمش وهشام الدَّسْتَُوائي وهمام بن يحيى قبل الاختلاط والباقون بعده إلا حماد بن سلمة، روى عنه في الحالين.

- ومن الرواة عن مجاهد: ابن عيينة، وربما ذكر الواسطة.

- وكذلك الحكم، وحديثهما قليل جداً، وهو صحيح محمول على الاتصال لما تقدم.

ومنهم خُصيف بن عبدالرحمن، وهو مُقِلٌّ، وعنه سفيان.

ولسفيان الثوري عنايةٌ بتفسير مجاهد وتعظيم له، وله رواية عنه قليلة جداً، ولم يدركه، ولا أعرف واسطته، ولا من نص عليها، ويغلب على ظني أنه يأخذ ممن أخذ عن القاسم بن أبي بزة، فهو يسميهم في الأكثر، والله أعلم.

ويروي عن مجاهد شيئاً من التفسير منصور وعبدالله بن أبي المغيث.

رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس* ومن أصح الروايات عن عبد الله بن عباس:

رواية سعيد بن جبير: وكان مكِّيِّاً مقدَّماً، فهذا علي بن المديني يقدمه على سائر أصحاب عبد الله بن عباس، وهو أكثر الرواة عنه رواية، وأكثرُ التابعين من المكيين عناية بالإسرائيليات، وجل ما جاء عن ابن عباس من الإسرائيليات من طريقه، وقد أكثر من حكاية الغيبيات من أخبار السابقين والقيامة عن عبد الله بن عباس.

ومقامه رفيعٌ ومنزلته عليه عند ابن عباس، وقد روى مجاهد أن ابن عباس كان يأمره أن يتحدث وهو شاهد، ويحيل إليه في الفتوى هو وابن عمر، وهو المقدَّم في الأحكام عن ابن عباس عند الخلاف بإطلاق، لعنايته بذلك، ورجع مجاهد وطاووس عن قولهما إلى قوله في الأحكام، ومن ذلك في تفسير قوله تعالى: (الذي بيده عقدة النكاح) قالا: هو الولي، وقال سعيد: هو الزوج، فرجعا إلى قوله لما علما به.

وكان من أعلم الناس بالحلال والحرام، بل قيل: إنه أعلم أهل زمانه في بلده.

وروى عنه خلقٌ؛ منهم جعفر وعبدالأعلى وعمرو بن مرة والمنهال وعطاء بن دينار وعطاء بن السائب والأعمش، وجل الأسانيد عنه في التفسير صحيحة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير