وله رواية عن ابن مسعود، وابن عمر، في التفسير، وهي قليلةٌ، لكنه يقدِّمُ ابن عباس على غيره، فإذا روى وقال: عن عبدالله، فمراده ابن عباس، كما قاله عمرو بن مُرَّة. أسنده ابن حنبل، كما في "العلل".
والغالب إذا قال البصري: "عن عبدالله"، فمراده ابن عباس، وكذلك في مكة على الأغلب، وإذا قال ذلك المدنيُّ، فمراده ابن عمر، وإذا قال المصري: "عبدالله"، فهو ابن عمرو، وفي الكوفة ابن مسعود، حاشا سعيد بن جبير؛ فهو ممن ارتحل إلى الكوفة واستوطنها، فإذا قال "عبدالله"، فهو ابن عباس.
وتفسير عطاء بن دينار عنه لم يسمعه منه، بل لم يسمع منه شيئاً مطلقاً، وهو صحيفة كما قاله أحمد بن صالح وأبو حاتم، وقال أبو حاتم أن سعيد بن جبير كتب التفسير لعبدالملك بن مروان فوجده عطاء في الديوان فحدَّث به، وهو ثقة معروف، والذي يروي عنه التفسير من هذه الصحيفة عبدالله بن لهيعة، وهي صحيفة صحيحة، لا تُعَلُّ بالانقطاع ولا بابن لهيعة، والله أعلم.
وحديث عطاء بن السائب عنه يرويه محمد بن فضيل وغيره.
رواية عكرمة عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس عكرمة مولى عبد الله بن عباس:
وعكرمة قريب من سعيد بن جبير؛ فقد تزوج أم سعيد بن جبير، وهو إمام في التفسير، قال الشعبي وقتادة: إنه أعلم الناس فيه، وقال أبو حاتم: أصحاب ابن عباس عيال عليه في التفسير.
وهو مقدَّم في أسباب النزول، ومناسبات السور، لعنايته بذلك، حافظٌ لأشعار العرب، وَجُل أقواله عن ابن عباس وإن لم ينسبها له.
أخرج ابن أبي حاتم عن سماكٍ، قال: قال عكرمة: كل شيء أحدثكم في القرآن، فهو عن ابن عباس.
وله تفسيرٌ من قوله يجتهد فيه، وهو قليل، ويظهر ذلك في مخالفته لقول ابن عباس، كما في قصة أصحاب السبت.
سبب قلة الرواية عن عكرمة
ومع عنايته بالتفسير، إلا أن النقل عنه قليل، وذلك لانتحاله رأي الخوارج، كما نص عليه عطاء وأحمد وابن المديني وابن معين، وهذه عادة الأئمة فيمن عرف بالابتداع أن لا يُكْثر الأخذُ عنه، لكي لا يرتفع شأنُه بأخذ الأجلة عنه، فيتأثر ببدعته تبعاً من يجهلهُ، وإن كان إماماً في نفسه، كل هذا صيانة للدين وحماية لجنابه، ولأجل هذا كان مالك يروي عن عكرمة في موطئه ولا يسميه.
ومع هذا، فهو إمام جليل القدر، وإن كان وقع في شيء من التكفير بالكبيرة، - وقد بَرَّأه من ذلك بعض العلماء كالعجلي وابن عبدالبر - فينبغي العناية بقوله وجمعه واعتباره وتأمُّله، وهو من المكثرين عن ابن عباس، بل هو أكثر رواية عنه من مجاهد في التفسير.
وتفسيره بالجملة صحيح، وأجوده وأمثله ما يعتني فيه بأسباب النزول، فله معرفة فيه، وهو مقدم على غيره في هذا النوع، وقد علق البخاري عنه في الصحيح مجزوماً به في التفسير، وأشهر الطرق عن عكرمة ما يرويه عنه ابن جريج، وهو أكثرهم، وعكرمة قليل التلاميذ.
ومن الطرق عنه ما يرويه يزيد النحوي، ومحمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، وهذه الطرق أشهرها، وكذلك أيوب وعطاء وداود بن أبي هند وعمرو بن دينار وعثمان بن غِياث وسماك بن حرب وداود بن الحصين والحكم بن أبان وغيرهم، وأكثر المرويات عنه أو جُلّها هي دائرة بين الصحة والحسن، وقليل منها ما يتوقف فيه خاصة منه ما في الأحكام المروية عن ابن عباس التي ينفرد بها سِماك وداود بن الحصين.
ويشكُّ محمد بن أبي محمد في روايته كثيراً، فيقول: عن عكرمة أو سعيد، وقد سمع منهما جميعاً، ولا يضره ذلك.
والحكم بن أبان يروي عنه ابنه إبراهيم، وهو مضعَّف؛ لأنه يصل الأسانيد بذكر ابن عباس.
رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس:
محمد بن سيرين، ولم يسمع منه، لكن حديثه عنه صحيح، وقد رأيت مَن يضعِّفه لانقطاعه، وهذا من التهوُّك، فالواسطة معروفة، فهو قد أخذ التفسير عن ابن عباس بواسطة عكرمة، ولا يسميه لسوء رأيه فيه، قال خالد الحذاء: كل ما قال محمد بن سيرين: نُبِّئتُ عن ابن عباس، فإنما أخذَه عن عكرمة، لَقِيَه أيام المختار.
وكذلك قال شعبة: أحاديث محمد بن سيرين عن ابن عباس قال شعبة: إنما سمعها من عكرمة.
رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس: علي بن أبي طلحة.
¥