وعطاء الخراساني صدوق حسن الحديث، وله رواية عن ابن عباس ولم يسمع من أحد من الصحابة، وفي الغالب يُسمى، وقد لا يُسمى فيلتبس على البعض، وقد روى له البخاري في "صحيحه" ولم ينسبه في تفسير سورة نوح وفي الطلاق، قال ابن حجر: إن البخاري يظنُّه ابنَ أبي رباح، ويظهر لي أن البخاري لا يخفى عليه ذلك، وقد قصد الإخراج للخراساني عن ابن عباس، وحديثه الذي أخرجه رواه عبدالرزاق عن ابن جريج وسمى عطاءً بالخراساني، ويظهر أن الخراساني أخذ التفسير من كتابٍ عن ابن عباس، فله رواية عن سعيد بن جبير وعكرمة وعلي بن أبي طلحة وهم من نَقَلَةِ التفسير.
ويروي عثمان بن عطاء - وهو ضعيف الحديث جداً - عن أبيه عطاء الخراساني عن ابن عباس، ولكن حديثه من كتاب، ورواية ابن جريج أشهر بكثيرٍ وأصحُّ، وقد أخرج البخاري لعطاء عن ابن عباس في الصحيح في غير الأصول، في تفسير سورة الكوثر.
ورواية ابن جريج هي من طريق عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، كما قاله الحافظ أبو مسعود الدمشقي في "الأطراف"، ومن نظر في سيرة عثمان بن عطاء وَجَدَ أنه ضعيفٌ، ولكن العلماء يذكرون أن لديه كتاباً في التفسير عن أبيه، ويظهر أن ابن جريج قد أخذ التفسير من عثمان بن عطاء، فأسنده عن ابن عباس؛ وعليه يقال أن التفسير عن ابن جريج عن عطاء صحيح، وإن كان منقطعاً في موضعين.
ولابن جريج أقوالٌ في التفسير من رأيه، وله أيضاً عن ابن عباس، أخذها بالجملة بواسطة صحف، إما من تفسير مجاهد بن جبر، أو من غيره، ونسبة التفسير إليه وارد وصحيح ولا إشكال فيه، فهو من أئمة التفسير في الرواية، وكذلك له معرفة بلغة العرب وبكلام المفسرين ممن كان يروي عنهم.
ويَرْوي عن ابن جريج عن عطاء الخراساني جماعةٌ؛ منهم: حجَّاج بن محمد ومحمد بن ثور، ويروي موسى بن عبدالرحمن الثقفي عنه، وهو متَّهم في حديث.
رواية أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس
ومن الرواة عن عبد الله بن عباس:
أبو صالح باذام مولى أم هانئ بنت أبي طالب.
وأبو مالك غزوان بن مالك الغفاري.
ورواية أبي مالك عن ابن عباس في التفسير هي من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد.
ويَرْوي عن أبي مالك وأبي صالح إسماعيلُ بن عبد الرحمن السُّدِّي الكبير، والسدي هذا وثقه أحمد، وأخذ عليه تكلُّفه في وصله الأسانيد، ويظهر أن مرادَ أحمد أنه يتكلف بالوصل حتى لو لم يتحصل عليه إلا بنزول، لا أنه يختلق الأسانيد، وهو لم يسمع من ابن عباس.
تفسير السُّدي
راوية تفسير السدي: أسباطُ بنُ نصر، بل تفرغ لتفسير السدي ونقله، وعليه المُعَوَّل فيه، ويوجد شيء يسير من غير طريق أسباط بن نصر.
والسُّدي أكثر التابعين بإطلاق حكاية للإسرائيليات، بل فاق الإخباريين عن بني إسرائيل؛ ككعب الأحبار ووهب بن منبه وأمثالهم.
وله اجتهاداتٌ ونظرٌ، وهو غير حجة فيما ينفرد فيه من دعاوى النسخ، فهو جسر في هذا الباب جداً.
وتفسير السُّدي جله عن ابن عباس وابن مسعود، ولم يلق من الصحابة إلا أنس بن مالك.
ويرويه عن ابن مسعود من طريق مُرَّة الهمداني عن ابن مسعود.
وتفسير السُّدي ساقه منثوراً ابنُ جَرير الطبري، ولم يورِد منه ابن أبي حاتم شيئاً في تفسيره؛ لأنه التزم أن يخرج أصحَّ ما ورد، وأبو عبدالله الحاكم في "المستدرك" يخرج منه ويصححه لكن من طريق مُرَّة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة فقط، دون الطريق الأول.
تفسير الكلبي
وأبو صالح يروي عنه أيضاً الكلبي محمد بن السائب، وعن الكلبي السُّدي الصغير محمد بن مروان، ورواه عن محمد بن مروان، صالح بن محمد الترمذي وهم ضعفاء، ومحمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب، وإن كان عالماً بالتفسير.
وأمثلُ وأصح تفسير الكلبي ما يرويه الثقات عنه؛ كسفيان الثوري ومحمد بن فضيل بن غزوان، ومن الضعفاء من قِبَل الحفظ حِبَّان بن علي العنزي، لكنه أحسن حالاً من محمد بن مروان وصالح بن محمد.
وتفسير الكلبي على نوعين:
النوع الأول: ما يرويه وينقله عن أئمة التفسير، فهذا يطرح، ولذلك سئل الإمام أحمد عن تفسير الكلبي؛ فقال: "من أوله إلى آخره كذبٌ ". فقيل: " أيحل النظر فيه "؟ قال: " لا ". وَسُئِلَ يحيى بن معين عنه فقال: " حقُّه أن يُدفن ".
¥