ثم تصفحت مقدمة المحقق لأنظر في الحديث عن نسبة الكتاب، فوجدت أنه يشير إلى تشكيك بعض الباحثين في نسبة التفسير إلى الطبراني، ويرد ذلك برد لم يقنع النفس، فعزمت على أن أتصفح المجلد الأول الذي يحوي سورة البقرة، لعلي أجد ما ينفي نسبته للطبراني، وحرصت على تتبع أسماء من ينقل عنهم، وتاريخ وفياتهم، ولم أجده من خلال تصفحي السريع للجزء الأول ينقل عن غير القرون الأربعة الأولى، فظننت أنه من مفسري أوائل القرن الخامس.
ووجدت المؤلف ينقل عن بعض المعاصرين للطبراني، وإن كانوا ماتوا قبله، كالزجاج وأبي بكر الرازي وابن الأنباري، وغيرهم.
ونقل عن ابن حبان (ج 1 ص358) وذكر المحقق في الحاشية أنه صاحب الصحيح، فإن كان كذلك فقد توفي سنة (354هـ). وقد يقال إنه ينقل عن معاصريه ولا إشكال في ذلك.
ثم وجدت أن المؤلف ينقل عن الإمام أبي الطيب سهل بن محمد في تفسير (الصلاة الوسطى) قال المؤلف (ج1 ص433): ((حكى الشيخ الإمام أبو الطيب السهل بن محمد بن سليمان أنها صلاة العشاء ... )).
والإمام أبو الطيب هو: سهل بن محمد بن سليمان العجلي الصعلوكي، الحنفي نسبًا، الشافعي مذهبًا، المتوفي سنة (404هـ) كما في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة، والوافي للصفدي، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ومعجم المؤلفين لكحالة، وقيل سنة (387هـ) كما في وفيات الأعيان لابن خلكان، والأعلام للزركلي. ولم يذكر المترجمون سنة ولادته.
وعلى أي القولين فالإمام أبو الطيب توفي بعد الطبراني بأربعين سنة أو بسبع وعشرين، وهذا مشكل.
وهنا ورد تساؤل: هل كان للإمام أبي الطيب تفسير أو مؤلفات نشرها قبل أن يؤلف الطبراني تفسيره؟
وقد تتبعت سيرة الإمام أبي الطيب فلم أجد أحدًا ذكر أنه من المفسرين، أو أن له تفسيرًا، وإنما ذكروا أنه برع في الفقه، ولم يذكروا له من المؤلفات إلا (الفوائد) كما ذكر الزركلي، وقال: جمعها من مسموعاته. وكتاب (المذهب في ذكر شيوخ المذهب) كما في (معجم المؤلفين).
وهذه المعلومات جعلتني أتساءل مرة أخرى: هل يمكن أن يكون الطبراني قد رحل إلى نيسابور ولقي الإمام أبا الطيب، وأخذ عنه، وسمع منه هذا القول في أحد مجالسه، ونقله في تفسيره؟
ثم تساءلت مرة أخرى: ألا يمكن أن يكون التفسير لأحد تلاميذ الإمام أبي الطيب، ولم يكن لأبي الطيب تفسير، وإنما نقل قوله عنه من أحد مجالسه؟
هذا التساؤل قادني إلى البحث في تلاميذ الإمام أبي الطيب، وهل كان فيهم مفسر له عناية بالفقه واللغة العربية وليس من أهل السنة الخالصة كما يظهر من التفسير، فوجدت منهم أبا محمد الجويني والد إمام الحرمين المتوفى سنة (438هـ)، ووصف بأنه إمام بارع مفسر نحوي أديب.
وذكر الذهبي في السير وابن خلكان في الوفيات والسيوطي في طبقات المفسرين أن له (التفسير الكبير) فهل طبع التفسير الكبير للجويني، أو وقف عليه، أو أنه هو هذا التفسير المنسوب إلى الطبراني، أو أنه ليس له صلة به؟؟؟
أرجو من أهل العناية بالتفسير والتحقيق أن يجلوا الأمر في نسبة الكتاب إلى مؤلفه، والله الموفق للصواب.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Apr 2008, 03:06 م]ـ
الحمد لله الذي أتم النعمة بإخرج هذا السفر، وإن كان الشكُّ قويًّا في نسبته للطبراني، ومما لفت نظري أن لهذا التفسير علاقة واضحة بتفسير الثعلبي (ت: 427)، وقد أجريت موازنة بسورة النجم، فوجدت أغلب معلوماته موجودة في تفسير الثعلبي (ت: 427)، ومن ذلك:
اتفقا في التصدير باسم السورة على النحو الآتي: ((سورة النجم مكية، وهي ألف وأربعمائة وخمسة أحرف، وثلثمائة وستون كلمة واثنان وستون آية)).
ذكر الثعلبي بسنده فضل السورة ـ المكذوب ـ عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الكتاب المنسوب للطبراني ذكر الحديث بدون سند، وصدر بقوله: قال صلى الله عليه وسلم.
وأنا أتعجب هنا، كيف يغفل إمام الحديث الطبراني عن مثل هذا الحديث الموضوع ويذكره في تصدير السور؟!
والذي ظهر لي من خلال موازنة هذه السورة أنه استفاد كثيرًا من تفسير الثعلبي، وله انتقاءات واختيارات ظاهرة، ومن ذلك تفسير قوله تعالى: (وأنه هو أضحك وأبكى):
قال الثعلبي: (({وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ} من شاء من خلقه {وَأَبْكَى} من شاء منهم.
أخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا عمر بن الخطاب،
قال: حدّثنا عبدالله بن الفضل،
¥