في الحقيقة الكتاب حافل بالفوائد والنقول والتجارب الشخصية والاختيارات العلمية للشيخ عبدالعزيز، ودونكم فوائد ومسائل من الكتاب:
1 ـ من لطيف ما حضرني وأنا أستشهد في هذا المقام بقوله عز وجل: (من عمل صالحاً من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) أن أهل القرآن يدخلون في معنى الآية دخولاً أولياً، وكأنهم المقصودون بذلك، وكأن سعادتهم وحياتهم الطيبة كانت بإيمانهم وعلمهم بالقرآن وعملهم به وتلاوتهم، من ثمّ ناسب أن يأتي بعده مباشرة قوله سبحانه: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) والله أعلم. ص32.
2 ـ أحفظ جملة عظيمة تنسب إلى ابن العربي، وهي: (إن إبليس حين لم يستطع أن يشغل الناس عن القرآن شغلهم به عنه) أي: أنه جعلهم يشتغلون بشيء فيه لا ينفعهم في معادهم يشغلهم عما ينفعهم في دينهم وآخرتهم. ص42.
3 ـ ولا نرى المبالغة أيضاً في مخارج الحروف، كما يفعله بعض القراء، ويشقون فيه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويمكث المتعلم عند بعضهم مدة يلوي شدقه ولسانه ويعطف شفتيه لتصحيح النطق بالاستعاذة، يمكث في ذلك مدة، وفي البسملة مدة، وبعدها يأذن المقرئ له بالانتقال إلى قراءة السورة، يأذن له في ذلك على مضض، فمن القراء من يمكث عنده المتعلم العربي الفصيح الأيام ذوات العدد في تلقين الاستعاذة، يعلمه كيفية النطق بكل حرف، وكيف يفتح فمه، ومتى لا يفتحه، فيلقنه مع ذلك الوسوسة والتنطع. ص47.
ولا يظن ظان أننا ذممنا ما جهلناه، فإنني قطعت دهوراً من عمري في القراءة والإقراء، وجمع القراءات، وتحرير الروايات، وأخذت عن أقطاب هذا الفن وأجزت وأُجِزت، ولكنني منذ الرشد ونفسي نافرة من طريق المتشددين الذين يقفون صخوراً مانعة من تعلم كتاب الله والفقه في الدين بالتعسير على الناس.52 ـ 53.
4 ـ من طرق تثبيت القرآن: عرض القرآن على حافظ، فإن كان ممن تهابه أو تستحيي منه فهو أدعى للنفع وأقوم،وقد فعلت ذلك، فكنت أختم القرآن كل خميس عرضاً حولين كاملين في كل يوم خمسة أجزاء، ولاأعرض شيئاً في يوم الجمعة حتى لم أكد أخطئ بعدها، ولم أكن قبلها أعد نفسي حافظاً. ص61.
5 ـ ولقد بعُد عن الصواب كثيراً من أراد ضبط متشابه القرآن بحفظ متن من متون النظم في ذلك، كمنظومة السخاوي، ومنظومة الخضري، ومنظومة الشنقيطي التي اشتملت على نظم ما تشابه لفظه في القرآن. ولقد قلت لواحد رأيته جاهداً في حفظ منظومة السخاوي: لماذا تكلف نفسك بحفظها وضبطها؟ فقال: لضبط المتشابه. فقلت له: إن معاناتك في حفظها، وتكلفك ذلك يحتاج منك إلى وقت وجهد لو بذلته في ضبط القرآن ومراجعته لكان خيراً لك وأعظم أجراً.
وشيء آخر؛ هو: أنك حين تقرأ في الصلاة أو خارجها سوف تحتاج إلى استحضار ما تحفظه من نظم مع قراءتك وسوف يكون قلبك مشغولاً بهذا وهذا، وأما تدبر ما تقرأ فلا محل له حينئذ. ص63 ـ 65.
بقية الفوائد تأتي تباعاً وسأوردها بتمامها في المشاركة القادمة، وليس إيرادها الموافقة على كل ما فيها لكن إنما أنا ناقل والحكم للقراء الكرام.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[20 May 2010, 11:54 ص]ـ
6 ـ قال الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون). يحتمل ـ والله أعلم ـ الثناء على كلّ من الحافظ العارف بمعاني القرآن، والعارف بها فقط، وإن لم يحفظها والحافظ لها؛ لأننا إذا جعلنا الجار والمجرور (في صدور) متعلقاً بـ (آيات) فالمراد: الحافظون، وإذا جعلناه متعلقاً ببينات فالمراد العارفون بمعاني الآيات، وإذا جعلنا الصفة والموصوف كالذات الواحدة (آيات بينات) فالمراد: الحافظون العارفون، وهذا أمر استنبطه ولا أجزم به، والله أعلم بمراده. ص70.
7 ـ قلّ أن يكون في الحفاظ من حفظ القرآن، وأتقنه، ورسخ في قلبه، وجوده، ثم نسيه، ولم أجد في التراجم من بُلي بذلك غير يسير، منهم: أحمد ابن الحسن بن أحمد اللحياني الصفار (ت462هـ) ذكر أنه نسي القرآن بعد أن كان من المحققين الذين جمعوا القراءات. ص76.
¥