ووصف مفرداتها, وتتبع سياقاتها وأوضاعها, وضبط مدلولاتها ونسق مشمولاتها ...
فلعل هذه الدراسة أن لا تكون مجرد دراسة علمية لهذا المفهوم, وفق المنهج المعلوم, وأن تكون قراءة هادفة لتحريك الجوارح وتوجيه القلوب:
… إلى الإيمان بخلق الله وأمره.
… إلى فعل المأمور وترك المحظور والتسليم بالمقدور في كل الأمور، لا في بعض الأمور.
… إلى مجاهدة أوامر إبليس ومواجهة تآمر حزبه على تغيير الدين.
… إلى دعوة الناس إلى عبادة الله وحده في أمرهم كله ...
ولعلي بعد ذلك أكون قد يسرت سبيلا إلى فقه هذا المفهوم, قد لا يكون واضحا كل الوضوح, بل قد يكون آهلا بالهنات والعيوب , ولكن سداده وصوابه أنه شق أكثر من طريق إلى إنجاز دراسات في مفاهيم ستلقي مزيدا من الأضواء الكاشفة على كثير من حقائق المفهوم المجملة, وعلى علائقه المفهومية خارج النصوص وداخلها, وعلى قضاياه الموضوعية, ومن ذلك:
بحث مفاهيم " الكلمة" و"الكتب" و"الوصية" و"الفرض" و"الخلق" و"الموت" و"النصر" و"البعث" ...
بحث علاقة الأمر بمفاهيم" الخلق" و"القضاء" و"القدر", وغيرها من العلاقات التي نالها ضيم وهضم بسبب ضيق الوقت؛ ك"قطع ما أمر الله به أن يوصل" و"نقض عهد الله" و"الفساد في الأرض", و"وصل ما أمر الله به أن يوصل" و"خشية الله"، و"الإضلال" و"الأمر"، و"تدبير الأمر" و"تفصيل الآيات" ...
دراسة سنن الله في التقدير والتشريع؛ لفهم أعمق وأوسع لقضية الأوامر التكوينية والتكليفية.
دراسة أوامر القرآن التكليفية وفق ترتيب النزول وأحداث السيرة؛ لتبين معالم المنهاج الأول كيف سار, وكيف رسم وفقا لحاجات المسلمين الأول, ومن ثم استلهام هذا المنهاج في فقه أوامر ديننا المفصلة, وتنزيل أوامره المجملة على واقعنا المتجدد؛ لتحقيق عودة صحيحة إلى التاريخ.
وعلاوة على ما تقدم، فإن هذا البحث بما أثمره منهجه وخطته، يوصي الدارسين للقرآن الكريم ومصطلحاته بأمرين رئيسين:
أولهما: العناية بعلم نظام القرآن؛ لتحصيل التدبر الأمثل في كتاب الله، وتحقيق النظرة الشاملة إلى معانيه، والاهتداء إلى اتساق مبانيه، وفقه كليات الدين ونظام أموره، وتعلم الحكمة والارتقاء في سلمها إلى درجة " أولو العزم" من العلماء والباحثين الربانيين: (ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا): البقرة/ من الآية 269.
إن هذا الفهم الحكيم المتكامل الذي يحققه العلم بنظام القرآن الباهر، بات مطلبا ملحا على العلماء في هذا الزمان، الذي تبعض فيه الفهم، واقتصر النظر على ظواهر الأمور، واختلت الموازين وتغيرت المفاهيم، وضاقت الأرض بما رحبت على أمة هذا الدين ...
ثانيهما: تجديد البحث في التفسير الموضوعي، بإضافة مفهوم جديد إلى معناه، وهو توظيف المعلومات المصطلحية والمستفادات العلمية، المستلهمة من النظر المصطلحي في جميع النصوص، وتحريرها ضمن قضايا مترابطة متكاملة، تأخذ عناوينها من المادة القرآنية نفسها، وتنتظم النصوص في أكنافها على صعيد واحد، لتفسح المجال إلى تدبر أعمق في دقائق المفهوم وحقائقه، وإحاطة أشمل بأسراره ولطائفه، ونظرة أبعد في شعابه وطرائقه.
ولعمري إن هذا الدرس المصطلحي، بما يحققه من صحة في الفهم، وتكامل في الرؤية؛ لهو الوسيلة الإجرائية المثلى لتحقيق ذلكم التجديد المطلوب، الذي به يتجدد الفهم، ويصح العمل، ويصلح الحال.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..