فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه فجئتهما فقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ قلت: رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه ..
فقالا: صدقت، ذلك إيمانك خرج منك، اذهبي ..
فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئا، وما قالا لي شيئا ..
فقالت: بلى لم تريدي شيئا إلا كان ..
خذي هذا القمح فابذري فبذرت .. وقلت: اطلعي فأطلعت ..
وقلت: احقلي فأحقلت .. ثم قلت: افركي فأفركت ..
ثم قلت: أيبسي فأيبست .. ثم قلت: اطحني فأطحنت ..
ثم قلت: اخبزي فأخبزت ..
فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان سقط في يدي ..
وندمت والله يا أم المؤمنين، ما فعلت شيئا ولا أفعله أبدا.
وفي زيادة عند ابن أبي حاتم ذكرها ابن كثير وعند البيهقي، وهي:
فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يومئذ متوافرون، فما دَرَوا ما يقولون لها، وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه، إلا أنه قد قال لها ابن عباس - أو بعض من كان عنده -: لو كان أبواك حيين أو أحدهما لكان يكفيانك.
قال هشام: فلو جاءتنا أفتيناها بالضمان، وقال ابن أبي الزناد: وكان هشام يقول: إنهم كانوا أهل ورع وخشية من الله وبعدا من التكلف والجرأة على الله. ثم يقول هشام: ولكنها لو جاءت اليوم مثلها لو جدت نوكى أهل حمق وتكلف بغير علم. والله اعلم.
رواه ابن جرير في تفسيره (2/ 440) وقال أحمد شاكر رحمهما الله:
وهي قصة عجيبة، لا ندري أصدقت تلك المرأة فيما أخبرت به عائشة؟ أما عائشة فقد صدقت في أن المرأة أخبرتها. والإسناد إلى عائشة جيد، بل صحيح.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 280 رقم 1022) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (5/ 373) والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 137) والحاكم 4/ 171 وصححه ووافقه الذهبي ..
كلهم من طريق الربيع بن سليمان عن عبد الله بن وهب اخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد حدثني هشام عن أبيه عن عائشة به.
والزيادة عند البيهقي واللالكائي وبعضها عند الحاكم.
وقال ابن كثير: أثر غريب وسياق عجيب .. وإسناده جيد إلى عائشة رضي الله عنها.
قلت: ومن ضعفه فمن أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو وإن كان ضعفه البعض فقد قال ابن حجر: صدوق تغير بآخرة وقال ابن معين أنه كان من أثبت الناس في هشام بن عروة، وهو هنا يروى عنه فأقل أحواله أن يكون حسن الحديث ..
والله أعلم.