تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ضَرَّتهمْ وَلَمْ تَنْفَعهُمْ) اه

6 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان المشركون يقولون لبيك لا شريك لك قال فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلكم قد قد فيقولون إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت). رواه مسلم.

بعد هذا التقرير أقول: إن كلمة التوحيد التي بعث الله تعالى بها الرسل معناها لا معبود بحق إلا الله، فجميع الرسل دعوا المشركين إلى ترك عبادة غير الله لأن الله الخالق المالك المدبر هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، قال تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ} وقال تعالى {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} وقال تعالى {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} فهذه دعوة جميع الرسل أن لا معبود بحق إلا الله {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.

ويؤكد ابن القيم على وجوب صرف جميع أنواع العبادة لله وحده فيقول: (فالسجود، والعبادة، والتوكل، والإنابة، والتقوى، والخشية، والتحسب، والتوبة، والنذر والحلف، والتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، والاستغفار، وحلق الرأس خضوعاً وتعبداً، والطواف بالبيت، والدعاء، كل ذلك محض حق الله لا يصلح، ولا ينبغي لسواه من ملك مقرب، ولا نبي مرسل.) اه

إذا عرفت حقيقة دين المشركين وحقيقة الشرك والسبب في شركهم عرفت السبب في منع الرسول صلى الله عليه وسلم من الغلوّ في الصالحين واتّخاذ المساجد على القبور أنقل بعض الأحاديث الواردة في ذلك مع كلام الشيخ محمد بن عبد الوهّاب في كتاب التوحيد قال رحمه الله: (باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده في (الصحيح) عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور. فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله) [متفق عليه] فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل.

ولهما عنها قالت: (لما نُزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال ـ وهو كذلك ـ: ((لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، [أخرجه البخاري ومسلم].ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: ( ... ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك).

باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله روى مالك في (الموطأ): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) [أخرجه مالك في الموطأ وأحمد وصححه الألباني]. اه من كتاب التوحيد.

إذا عرفت هذا كله وأن الدعاء من أعظم أنواع العبادة لا يجوز صرفه لغير الله تعالى، عرفت أن ما وقع فيه الشيعة الروافض من دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء وأخذَه عنهم كثير من متأخري الصوفية هو الشرك الأكبر الذي بعثت الرسل بتحريمه وكفّرت أقوامها عليه وأنه لم ينفعهم إقرارهم بوجود الله مع الشرك في العبادة، وأن الذي نسمعه من الشيعة الروافض داعين الحسين وغيره (يا علي، يا حسين)، وما نسمعه من كثير من الصوفية (مدد يا رسول الله، مدد يا سيدي البدوي) أن هذا هو الشرك الأكبر الذي يحبط العمل ويوجب الخلود في النار – وليس مقصودنا فيما قلنا تكفيير أعيان أولئك فللتكفير شروطه وموانعه ومن شروطه قيام الحجة، ولكن قصدنا التنبيه على هذا الشرك الأكبر -.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير