أما المعقول: فلأن الولاية تتطلب الرأي وثبات العزم وهو ما تضعف عنه النساء؛ لما جبلت عليه من الرقة والعاطفة وسرعة الانفعال وهذه الطبيعة تتطلب منها الاستقرار في البيت للقيام بوظيفة الإنجاب والتربية ومصالح البيت والأولاد أحسن قيام، مما يفوت عليها الاطلاع الشمولي على مجريات الأحداث خارج البيت، وهو ما يجعلها غير قادرة على القيام بمهام الولاية.
وقد خلق الله عقل المرأة أقل ضبطاً وحفظاً للأمور من عقل الرجل لحكم؛ منها: ملائمة وظائفها الأخرى التي تحتاج فيها إلى كمال العاطفة أكثر من احتياجها فيها إلى كمال العقل؛ فتلك الطبيعة تتنافى مع مهام الولاية.
ولذا؛ فإن الشهادة - التي يلزم لها تثبت وإعمال عقل- جعلت فيها شهادة امرأتين مقابل شهادة رجل صوناً للحقوق؛ قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:282].
أما قوله: "وهناك سيدتان تولتا القضاء منهما أم الخليفة المقتدر":
فتولي امرأتين القضاء على طول تلك العصور لا يقدح في القاعدة العامة، وهو - على شذوذه - لم يذكر الشيخ أتمت تلك الولاية بموافقة العلماء أم كانت قسراً وقهراً؟!
وقد اتفقوا على اشتراط الذكورة في القاضي إلا أن الحنفية أنفذوا قضاءها إذا وليت مع تأثيم من ولاها؛ ولذلك أجازوا قضاءها في غير الحدود؛ قال التُمُرْتَاشِي – الحنفي – في "منح الغفَّار" (مخطوط): "والمرأة تقضي في غير حد وقَوَد؛ لأنها أهل للشهادة في غيرهما، فكانت أهلاً للقضاء وإن أثم المولي لها؛ للحديث: ((لم يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))؛ رواه البخاري".
قال القاضي ابن العربي في "أحكام القرآن": "فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجالس، ولا تخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير .. تجمعها والرجال مجلس تزدحم فيه معهم، وتكون منظرة لهم، ولم يفلح قط من تصوَّر هذا ولا من اعتقده". وقال الشوكاني في "السيل الجرار": "وصف رسول الله صلى الله عليه و سلم النساء بأنهن ناقصات عقل ودين ومن كان بهذه المنزلة لا يصلح لتولي الحكم بين عباد الله وفصل خصوماتهم بما تقتضيه الشريعة المطهرة، ويوجبه العدل، فليس بعد نقصان العقل والدين شيء، ولا يقاس القضاء على الرواية؛ فإنها تروي ما بلغها وتحكي ما قيل لها، وأما القضاء؛ فهو يحتاج إلى اجتهاد أصحاب الرأي وكمال الإدراك والتبصر في الأمور، والتفهم لحقائقها وليست المرأة في وِرْدٍ ولا صَدَر من ذلك؛ ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح من قوله - صلى الله عليه و سلم -: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))، فليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد، ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله - عز و جل - فدخوله فيها دخولاً أوليا".
واستدل الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وأهل الحديث على قولهم بأدلة عديدة، منها:
1ـ عدم تكليفها بهذه الولايات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد الخلفاء الراشدين وعهود من بعدهم.
2ـ قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34]، فإذ منع الله المرأة من ولاية الأسرة وهي من أصغر الولايات، فمن باب أولى منعها من تولي ما هو أكبر منها، كالقضاء.
3ـ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي بكرة: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))؛ فالقضاء فرع عن الإمامة؛ فللقاضي على الناس ولاية عامة وسلطان واسع فإذا كان الإسلام يجعل الرجل قوَّاما على المرأة في البيت، وهو المجتمع الصغير، فكيف يجعل المرأة قوامة على الرجل في المجتمع الكبير؟!
4ـ حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار؛ فأما الذي في الجنة، فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار))؛ رواه أصحاب السنن بإسناد صحيح، وقوله "رجل" لا يشمل النساء، قال مجد الدين ابن تيمية في "منتقى الأخبار" عقبه: "وهو دليل على اشتراط كون القاضي رجلاً".
5ـ الأحاديث النبوية المستفيضة في شأن المرأة، لا تجعل للمرأة ولاية على غيرها، بل ولا على نفسها في أخص شأن من شؤونها وهو النكاح؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا نكاح إلا بولي))، وكذلك منعت المرأة من السفر وحدها دون محرم، ولا أن تخلو بغير محارمها.
والحاصل أن الإسلام وضع كلاً من الرجل والمرأة في موضعه المناسب، وكلَّفه تكليفاً موافقاً لفطرته وخلقته، وشرع لذلك من الأحكام والتشريعات ما يصلح للجنسين، ويجعلهما متكاملين غير متنافرين؛ فالعقل والفطرة يجزمان بأن لكل من المرأة والرجل خصائصه، المبنية على تكوينه العقلي والنفسي والجسماني، الذي يختلف اختلافاً واضحاً عن الطرف الآخر، فهل يُعقل أن تتساوى وظيفتهما مع هذا الاختلاف؛ قال تعالى {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [آل عمران:36]، وقال: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، وقال: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49].
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=2238
¥