تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كلام نثرا كان أو نظما وذلك أنه لما وقف أسكن الهمزة ثم إنه قلبها ألفا فاجتمع ألفان فحذف أحدهما كما يأتي في باب وقف حمزة وهشام على نحو السماء والدعاء وهكذا نقول في كل ما ورد في هذه القصيدة من هذا الباب في قوافيها كقوله فتى العلا أحاط به الولا فتنجو من البلا وإن افتحوا الجلا بعد على الولا عن جلا أماما يأتي في حشو الأبيات كقوله وحق لوى باعد ومالي سما لوى ويا خمس أجرى فلا وجه لذلك إلا أنه من باب قصر الممدود ثم يجوز في موضع العلا أن يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا لأن أجذم العلا من باب حسن الوجه فهو كما في بيت النابغة، (أجب الظهر ليس له سنام)، يروى الظهر بالحركات الثلاث وأشار بما في عجز هذا البيت إلى حديث خرجه أبو داود في سننه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم، قال الخطابي معناه المنقطع الأبتر الذي لا نظام له، قلت وروي هذا الحديث مرسلا وروي أقطع موضع أجذم وروي (لم يبدأ فيه بذكر الله)، فتكون البسملة على هذا إذا اقتصر عليها مخرجة من عهدة العمل بهذا الحديث ولو أن الناظم رحمه الله قال وثنيت أن الحمد وثلثت صلى الله لكان أولى تقديما لذكر الله تعالى على ذكر رسوله الله صلى الله عليه وسلم، ووجه ما ذكر أنه أراد أن يختم خطبته بالحمدلة فإن ذكر الله تعالى قد سبق بالبسملة فهو كقوله سبحانه في آخر سورة والصافات (والحمد لله رب العالمين) والله أعلم

(5)

وَبَعْدُ فَحَبْلُ اللهِ فِينَا كِتَابُهُ فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ الْعِدَا مُتَحَبِّلاَ

أي وبعد هذه الخطبة أذكر بعض ما جاء في فضائل القرآن العزيز وفضل قرائه وحبل الله مبتدأ وفينا متعلق به من حيث المعنى على ما نفسر به الحبل أو يكون صلة لموصول محذوف أي الذي فينا وكتابه خبر فحبل، ويجوز أن يكون فينا هو الخبر وكتابه خبر مبتدإ محذوف أي هو كتابه والفاء في فحبل رابطة للكلام بما قبله ومانعة من توهم إضافة بعد إلى حبل والعرب تستعير لفظ الحبل في العهد والوصلة والمودة وانقطاعه في نقيض ذلك فلذلك استعير للقرآن العزيز لأنه وصلة بين الله تعالى وبين خلقه من تمسك به وصل إلى دار كرامته، وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره في تفسير قوله عز وجل (واعتصموا بحبل الله جميعا)، أنه القرآن، وفي كتاب الترمذي من حديث الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه في حديث طويل في وصف القرآن قال (هو حبل الله المتين)، وفي كتاب أبي بكر بن أبي شيبة في ثواب القرآن عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وفيه عن ابن شريح الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به، وقوله فجاهد به أي بالقرآن العزيز كما قال تعالى (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا)، أي بحججه وأدلته وبراهينه والحبل بكسر الحاء الداهية ومتحبلا حال من فاعل فجاهد يقال تحبل الصيد إذا أخذه بالحبالة وهي الشبكة واستعمل التجانس في هذا البيت والذي بعده وهو مما يعد من الفصاحة في الشعر وغيره

(6)

وَأَخْلِقْ بهِ إذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً جَدِيداً مُوَاليهِ عَلَى الْجِدِّ مُقْبِلاَ

أخلق به تعجب أي ما أخلقه بالمجاهدة به أي ما أحقه بذلك يقال هو خليق بكذا أي حقيق به وإذ هنا تعليل مثلها في قوله تعالى (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم)، ويقال أخلق الثوب خلق إذا بلى وجدّة تمييز وهي ضد البلى يستعار ذلك للقرآن العزيز لما جاء في الحديث عن ابن مسعود موقوفا ومرفوعا إن هذا القرآن حبل الله لا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد، أخرجه الحافظ البيهقي في كتاب المدخل أي لا يحدث له البلى ناشئا عن كثرة ترداده وتكراره ومرور الزمان عليه وجديدا فعيل من الجد بفتح الجيم وهو العظمة والعزة والشرف وانتصابه على الحال من ضمير يخلق العائد على القرآن العزيز أو على المدح ومواليه بمعنى مصافيه وملازمه العامل بما فيه وهو مبتدأ وعلى الجد خبره فهي جملة مستأنفة أي حصل على الجد واستقر عليه والجد بكسر الجيم ضد الهزل ومقبلا حال من الضمير المقدر في الخبر الراجع على مواليه أي استقر على الجد في حال إقباله عليه واحتفاله به عملا وعلما يشير إلى ما كان الأولون عليه من الاهتمام به، ويجوز

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير