فعلم أصول الفقه مؤهل لضبط العملية التفسيرية، على اعتبار أنه علم محكم البناء من حيث مصطلحاته و قواعده و مناهجه، و أن الأساس الذي بني عليه من حيث التدوين و التصنيف، إنما هو حل لمشكلة الفهم اللغوي الخاص، للدليل الشرعي. سواء من حيث مقاصده الدلالية، أو متعارضاته الإشكالية. [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn5)
كما أنه امتاز بضبط قواعد الدلالة: حاصرا طرقها: منطوقا و مفهوما، و مرتبا مراتبها: نصا و ظهورا و إجمالا، و مفصلا فيما يتصل بالأحكام من وجوهها: الأمر و النهي، و العموم و الخصوص، و الإطلاق و التقييد، و محددا شروط التأويل
و قواعد الترجيح [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn6).
وقد أكد السكاكي في مفتاح العلوم على أن علم أصول الفقه و البلاغة مؤهلين لضبط العملية التفسيرية، حيث قال:" ولله در التنزيل، لا يتأمل العالم آية إلا أدرك لطائف لا تسع الحصر ... لأن المقصود لم يكن مجرد الإرشاد لكيفية اجتناء ثمرات علمي المعاني و البيان، و أن لا علم في باب التفسير بعد علم الأصول أقرأ منهما على المرء لمراد الله من كلامه. [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn7)
أما اللغة العربية فلأن النص القرآني هو نص لغوي، و أن الله عز و جل خاطب العرب بلسانهم و على معهودهم في التخاطب و الكلام. و أن علماء العربية و هم يقعدون قواعد النحو و الإعراب كان في حسبانهم تحدي فهم الخطاب الشرعي خاصة مع ظهور اللحن الصوتي و الصرفي و أيضا المفهومي في ظل اتساع الرقعة الإسلامية و دخول أمم أعجمية في الإسلام. وقل نفس الأمر في نشوء علم البلاغة إذ كان تحدي الإعجاز القرآني حاضرا في أذهانهم. فتحدي فهم و بيان عن معاني و أسرار القرآن الكريم كان حاضرا منذ زمن التأسيس و التقعيد اللغوي.
و إن النص - أي نص – هو بناء لغوي قائم على قواعد اللغة و نظامها، مما يعطي للتحليل اللغوي أهميته في الكشف عن المعنى .... لهذا فقد عد العلماء علوم اللغة أول العلوم التي يحتاج إليها مفسر القرآن .. بل جزم الكافيجي بأن قواعد التفسير" مكتسبة من تتبع لغة العرب" [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn8)
و المقصود باللغة جميع مستويات الدرس اللغوي العربي:" كالأصوات، و الصرف، و النحو" ... إذ إنها مجتمعة تكون أداة التحليل اللغوية الكبرى، ذلك أن هذه المستويات ترى منفصلة من حيث الصناعة، لأغراض منهجية فقط في حين أنها تكون في مجملها الوسيلة الناجحة الكبرى لتحليل النصوص .. " [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn9)
أما ما في كتب التفاسير، فالمقصود بها القواعد التي يضعها المفسر و هو يمارس عملية التفسير في محاولة للتأصيل لمفهوم يريد تأصيله، أو في نقده لتفسير اختل فيه ضابط من الضوابط، أو في مجالات أخرى. [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn10)
و يمكن أن نقول إن هذه العلوم تحتوي على مباحث و قواعد لعلم أصول التفسير، لكن تحتاج إلى بناء نظري ناظم يحدد و ينظم العلاقة بين مكوناته، متى و كيف نعمل هذه القاعدة أو هذا الأصل و ما هي مستويات ذلك؟ و هل كل القواعد على مستوى واحد في الكفاية التفسيرية؟ ... أي فلسفة علم التفسير، ليرتقي إلى مستوى العلوم الناضجة من حيث المصطلحات و القواعد و المناهج.
وإيجاد علم أصول التفسير يكفينا هم العبث بالنصوص الشرعية و لي أعناقها، كما يضبط لنا عملية الفهم عن الله تعالى و استنباط الأحكام الشرعية من مظانها، بل يكون قانونا محكما فيما يسمى بمقاصد الشريعة، ذلك أن القصد يفهم من اللفظ ومن النص الشرعي، فيجيبنا علم أصول التفسير عن السؤال العلمي: كيف دلك هذا اللفظ أو هذا النص على هذا المعنى أو هذا الحكم؟ و قس على ذلك من القضايا والمستجدات الطارئة على الفكر الإسلامي اليوم، كمسألة السنن التاريخية والاجتماعية في القرآن الكريم، و قضايا التشريع الجنائي، و النوازل الفقهية في الطب و غيره.
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref1) الإكسير في علم التفسير للطوفي ص33 و ما بعدها
[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref2) تأويل مختلف الحديث لإبن قتيبة ص 55
[3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref3) مقدمة في أصول التفسير ص33
[4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref4) الإكسير في علم التفسير للطوفي ص 27
[5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref5) المصطلح الأصولي د فيرد الأنصاري ص124/ 425 بتصرف
[6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref6) التفسير اللغوي للقرآن الكريم، الشيخ الحافظ، ص 96
[/ URL] [7] مفتاح العلوم للسكاكي ص 421
[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref8"][8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref7) نفس المرجع ص 7/ 8 بتصرف
[9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref9) تحليل النصوص: المفهوم و الضوابط. د حسين كنوان مجلة التسامح ع 11 السنة الثالثة ص134
[10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref10) نفس المرجع الساق ص 19