12547 - حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ: ثَنَا يَزِيد , قَالَ: ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة: {وَتَذْهَب رِيحكُمْ} قَالَ: رِيح الْحَرْب. 12548 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ: أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ: قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله: {وَتَذْهَب رِيحكُمْ} قَالَ: الرِّيح: النَّصْر. لَمْ يَكُنْ نَصْر قَطُّ إِلَّا بِرِيحٍ يَبْعَثهَا اللَّه تَضْرِب وُجُوه الْعَدُوّ , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِوَام. 12549 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ: ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} أَيْ لَا تَخْتَلِفُوا فَيَتَفَرَّق أَمْركُمْ. {وَتَذْهَب رِيحكُمْ} فَيَذْهَب جَدّكُمْ. {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ} أَيْ إِنِّي مَعَكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ. 12550 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ: أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ: قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} قَالَ: الْفَشَل: الضَّعْف عَنْ جِهَاد عَدُوّهُ وَالِانْكِسَار لَهُمْ , فَذَلِكَ الْفَشَل.أه
قال الإمام القرطبي في تفسيره:
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا)
هَذَا اِسْتِمْرَار عَلَى الْوَصِيَّة لَهُمْ , وَالْأَخْذ عَلَى أَيْدِيهمْ فِي اِخْتِلَافهمْ فِي أَمْر بَدْر وَتَنَازُعهمْ.
(فَتَفْشَلُوا)
نُصِبَ بِالْفَاءِ فِي جَوَاب النَّهْي. وَلَا يُجِيز سِيبَوَيْهِ حَذْف الْفَاء وَالْجَزْم وَأَجَازَهُ الْكِسَائِيّ. وَقُرِئَ " تَفْشِلُوا " بِكَسْرِ الشِّين. وَهُوَ غَيْر مَعْرُوف.
(وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)
أَيْ قُوَّتكُمْ وَنَصْركُمْ , كَمَا تَقُول: الرِّيح لِفُلَانٍ , إِذَا كَانَ غَالِبًا فِي الْأَمْر قَالَ الشَّاعِر: إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فَاغْتَنِمْهَا فَإِنَّ لِكُلِّ خَافِقَةٍ سُكُونَا
وَقَالَ قَتَادَة وَابْن زَيْد: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَصْر قَطُّ إِلَّا بِرِيحٍ تَهُبّ فَتَضْرِب فِي وُجُوه الْكُفَّار. وَمِنْهُ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (نُصِرْت بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَاد بِالدَّبُورِ). قَالَ الْحَكَم: " وَتَذْهَب رِيحُكُمْ " يَعْنِي الصَّبَا , إِذْ بِهَا نُصِرَ مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأُمَّته. وَقَالَ مُجَاهِد: وَذَهَبَتْ رِيح أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَازَعُوهُ يَوْمَ أُحُد.
(وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)
أَمْر بِالصَّبْرِ , وَهُوَ مَحْمُود فِي كُلّ الْمَوَاطِن وَخَاصَّة مَوْطِن الْحَرْب , كَمَا قَالَ: " إِذَا لَقِيتُمْ فِئَة فَاثْبُتُوا "أه.
قال الحافط ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)
أَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله فِي حَالهمْ ذَلِكَ فَمَا أَمَرَهُمْ اللَّه تَعَالَى بِهِ اِئْتَمَرُوا. وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ اِنْزَجَرُوا وَلَا يَتَنَازَعُوا فِيمَا بَيْنهمْ أَيْضًا فَيَخْتَلِفُوا فَيَكُون سَبَبًا لِتَخَاذُلِهِمْ وَفَشَلهمْ " وَتَذْهَب رِيحكُمْ " أَيْ قُوَّتكُمْ وَحِدَّتكُمْ وَمَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنْ الْإِقْبَال " وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ " وَقَدْ كَانَ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ فِي بَاب الشُّجَاعَة وَالِائْتِمَار بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه وَرَسُوله بِهِ وَامْتِثَال مَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَم وَالْقُرُون قَبْلهمْ وَلَا يَكُون لِأَحَدٍ مِمَّنْ بَعْدهمْ فَإِنَّهُمْ بِبَرَكَةِ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَطَاعَته فِيمَا أَمَرَهُمْ فَتَحُوا الْقُلُوب وَالْأَقَالِيم شَرْقًا وَغَرْبًا فِي الْمُدَّة الْيَسِيرَة مَعَ قِلَّة عَدَدهمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُيُوش سَائِر الْأَقَالِيم مِنْ الرُّوم وَالْفَرَس وَالتَّرْك وَالصَّقَالِبَة وَالْبَرْبَر وَالْحُبُوش وَأَصْنَاف السُّودَان وَالْقِبْط وَطَوَائِف بَنِي آدَم. قَهَرُوا الْجَمِيع حَتَّى عَلَتْ كَلِمَة اللَّه
¥