تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا يوجد كثير من المتأخرين المصنفين في المقالات والكلام يذكرون في أصل عظيم من أصول الإسلام الأقوال التي يعرفونها.

وأما القول المأثور عن السلف والأئمة الذي يجمع الصحيح من كل قول فلا يعرفونه ولا يعرفون قائله، فالشهرستاني صنف الملل والنحل وذكر فيها من مقالات الأمم ما شاء الله، والقول المعروف عن السلف والأئمة لم يعرفه ولم يذكره، والقاضي أبو بكر وأبو المعالي والقاضي أبو يعلى وابن الزاغوني وأبو الحسين البصري ومحمد بن الهيثم ونحو هؤلاء من أعيان الفضلاء المصنفين، تجد أحدهم يذكر في مسألة القرآن أو نحوها عدة أقوال للأمة، ويختار واحدا منها، والقول الثابت عن السلف والأئمة كالإمام أحمد ونحوه من الأئمة لا يذكره الواحد منهم، مع أن / عامة المنتسبين إلى السنة من جميع الطوائف يقولون إنهم متبعون للأئمة كمالك والشافعي وأحمد وابن المبارك وحماد بن زيد وغيرهم، لا سيما الإمام أحمد

وقد رأيت من أتباع الأئمة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من يقول أقوالا ويكفر من خالفها وتكون الأقوال المخالفة هي أقوال أئمتهم بعينها، كما أنهم كثيرا ما ينكرون أقوالا ويكفرون من يقولها، وتكون منصوصة عن النبي ? لكثرة ما وقع من الاشتباه والاضطراب في هذا الباب، ولأن شبه الجهمية النفاة أثرت في قلوب كثير من الناس حتى صار الحق الذي جاء به / الرسول –وهو المطابق للمعقول- لا يخطر ببالهم ولا يتصورونه، وصار في لوازم ذلك من العلم الدقيق ما لا يفهمه كثير من الناس، والمعنى المفهوم يعبَّر عنه بعبارات فيها إجمال وإبهام يقع بسببها نزاع وخصام. والله تعالى يغفر لجميع المؤمنين والمؤمنات.

309

وكثيرا ما يكون الحق مقسوما بين المتنازعين في هذا الباب، فيكون في قول هذا حق وباطل وفي قول هذا حق وباطل، والحق بعضه مع هذا وبعضه مع هذا وهو مع ثالث غيرها، والعصمة إنما هي ثابتة لمجموع الأمة، ليست ثابتة لطائفة بعينها.

311

وأبو المعالي وأمثاله أجل من أن يتعمد الكذب، لكن القول المحكي قد يسمع من قائل لم يضبطه، وقد يكون القائل نفسه لم يحرر قولهم، بل يذكر كلاما مجملا يتناول النقيضين، ولا يميز فيه بين لوازم أحدهما ولوازم الآخر، فيحكيه الحاكي مفصلا ولا يجمله إجمال القائل

........

وما كلُّ من قال قولا التزم لوازمه، بل عامة الخلق لا يلتزمون لوازم أقوالهم، فالحاكي يجعل ما / يظنه من لوازم قوله هو أيضا من قوله، لا سيما إذا لم ينف القائل ما يظنه الحاكي لازما، فإنه يجعله قولا له بطريق الأولى.

313

إذ المقصود هنا أن من أكابر الفضلاء من لا يعرف أقوال الأئمة في أكابر المسائل، لا أقوال أهل الحق ولا أهل الباطل، بل لم يعرف إلا بعض الأقوال المبتدعة في الإسلام، ومن المعلوم أن السلف والأئمة كان لهم قول ليس هو قول المعتزلة ولا الكلابية ولا الكرامية، ولا هو قول المسمين بالحشوية، فأين ذلك القول؟ أكان أفضل الأمة وأعلمها وخير قرونها لا يعلمون في هذا حقا ولا باطلا؟

315

ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة، وإن كان ذلك في المسائل العملية [كذا والصواب العلمية] ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة، وإذا كان الله تعالى يغفر لمن جهل وجوب الصلاة وتحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل مع كونه لم يطلب العلم، فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه إذا كان مقصودُه متابعةَ الرسول بحسب إمكانه هو أحق بأن يتقبل الله حسناته ويثيبه على اجتهاداته ولا يؤاخذه بما أخطأه، تحقيقا لقوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}.

329

والناس لهم في مسمى الكلام أربعة أقوال: أحدها أنه اللفظ الدال على المعنى، والثاني أنه المعنى المدلول عليه باللفظ، والثالث أنه مقول بالاشتراك على كل منهما، والرابع: أنه اسم لمجموعهما، وإن كان مع القرينة يراد به أحدهما، وهذا قول الأئمة وجمهور الناس

338

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير