[المحقق: في (ض) كأنها (والهنفري) ولم أعرف من هو، وكتب محقق (ق) ما يلي: قوله (والهندي) كذا في الأصل، وكتب بهامشه: لعله الآمدي فحرر، كتبه مصححه]
235
والأدلة العقلية إنما يعترض على معانيها، فإن كنت أوردت هذا سؤالا لفظيا كان قليل الفائدة، وإن كان سؤالا معنويا كان باطلا في نفسه، والقوم لما قالوا: الموجود إما أن يكون واجبا بنفسه وإما أن يكون ممكنا بنفسه جعلوا الوجود منحصرا في هذين القسمين أي جعلوا كل واحد واحد من الموجودات منحصرا في هذين القسمين.
262
ثم إن هؤلاء الفلاسفة يقولون – كما زعم الآمدي – إن كمال النفس الإنسانية هو الإحاطة بالمعقولات والعلم بالمجهولات، وهم مع هذا لم يعرفوا الموجود الواجب، فأي شيء عرفوه؟!
وقد بلغني بإسناد متصل عن بعض رؤوسهم وهو الخونجي صاحب (كشف الأسرار في المنطق) وهو عند كثير منهم غاية في هذا الفن أنه قال عند الموت: أموت وما علمت شيئا إلا أن الممكن يفتقر إلى الواجب. ثم قال: الافتقار وصف عدمي، أموت وما علمت شيئا.
وذكر الثقة عن هذا الآمدي أنه قال: (أمعنت النظر في الكلام وما استفدت منه شيئا إلا ما عليه العوام) أو كلاما هذا معناه.
/ وذلك أن هذا الآمدي لم يقرر في كتبه لا التوحيد، ولا حدوث العالم، ولا إثبات واجب الوجود بل ذكر في التوحيد طرقا زيفها، وذكر طريقة زعم أنه ابتكرها، وهي أضعف من غيرها.
وكان ابن عربي صاحب الفصوص والفتوحات وغيرهما يعظم طريقته ويقول: إن الطريقة التي ابتكرها في التوحيد طريقة عظيمة أو ما هو نحو هذا، حتى أفضى الأمر ببعض أعيان القضاة الذين نظروا في كلامه إلى أن قال التوحيد لا يقوم عليه دليل عقلي وإنما يعلم بالسمع، فقام عليه أهل بلده وسعوا في عقوبته وجرت له قصة.
وكذلك الأصبهاني اجتمع بالشيخ إبراهيم الجعبري يوما فقال له: بت البارحة أفكر إلى الصباح في دليل على التوحيد سالم عن المعارض فما وجدته.
وكذلك حدثني من قرأ على ابن واصل الحموي أنه قال: (أبيت بالليل وأستلقي على ظهري وأضع الملحفة على وجهي وأبيت / أقابل أدلة هؤلاء بأدلة هؤلاء وبالعكس، وأصبح وما ترجح عندي شيء) كأنه يعني أدلة المتكلمين والفلاسفة.
264
الناس قبلنا قد ذكروا له [التوحيد] من الأدلة العقلية اليقينية ما شاء الله، ولكن الإنسان يريد أن يعرف ما قاله الناس، وما سبقوا إليه، وبينا أيضا أن القرآن ذكر من ذلك ما هو خلاصة ما ذكره الناس، وفيه من بيان توحيد الإلهية ما لم يهتد إليه كثير من النظار ولا العباد، بل هو الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه.
280
فإن كان يوجد منها
[الصواب بواحد منها]
285
وأما إذا قيل: كل واحد واحد فذلك أبعد لأنه يقتضي اجتماع مؤثرين مستقلين على أثر واحد وهو ممتنع بصريح العقل واتفاق العقلاء.
287
فلهذا صار كلما طال الزمان أورد المتأخرون أسولة سوفسطائية لم يذكرها المتقدمون.
289
فمن جوز وجود جسم قديم لم يزل متحركا لا يقول: إن شيئا معينا من الحركة قديم أزلي، بل يقول: نوع الحركة أزلي، وإن كان كل منها حادثا كائنا بعد أن لم يكن مسبوقا بالعدم.
301
وإنما يجوّز كونَ المفعول المعلول مقارنا لفاعله طائفة قليلة من الناس، كابن سينا والرازي ونحوهما.
303
ولكن كون الشيء دليلا على الشيء معناه أنه يلزم من ثبوته ثبوته والشيئان المتلازمان كل منهما يصلح أن يكون دليلا على الآخر ثم من شأن الإنسان أن يستدل بالظاهر على الخفي لكن الظهور والخفاء من الأمور النسبية فقد يظهر لهذا ما لا يظهر لهذا وقد ظهر للإنسان في وقت ما يخفي عليه في وقت آخر فلهذا أمكن أن يستدل بهذا على ذاك وبذاك على هذا إذا قدر أن هذا أظهر من ذاك تارة وذاك أظهر من هذا أخرى وإما بحسب شخصين وإما بحسب حالين
وهذه المعاني من تفطن لها انجلت عنه شبه كثيرة فيما يورده الناس على الحدود والأدلة التي قد يقال إنه لا فائدة فيها ولا حاجة إليها وذاك صحيح وقد يقال: بل ينتفع بها وهذا أيضا صحيح
¥