والله تعالى إنما أمر بالعقل وبما يحفظه لم يأمر بطرحه بل وبما يضر به أو ينقصه ..
والعقل غريزة ركبها الله تعالى في الإنسان لينتفع بالعلم .. وجعله فرقاناً بين المتعلمين .. فإن الذي يتعلم إنما ينتفع بالعلم إذا عقله وعقل إرادته به، وإذا لم يفعل فهو كالحمار يحمل أسفاراً ينطق بالعلم ويعمل بالجهل وهو من أخس الخلق منزلة ..
(8)
وعوداً على بدء فإنَّ الذين ردوا على الجهمية في زمن المحنة وبعدها من التكلمين كان فيهم من يميل إلى نصر العقائد المتلقاة عن السلف من الصحابة وأتباعهم بإحسان وهو الأثر الذي يأثر اللاحق عن السالف، وهذا المأثور هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته في الإيمان بالله تعالى ومعرفته
وهذا الصنف من المتكلمين فيهم من كان الكلام غالباً عليه وفيهم من كان الكلام مغلوباً عليه بفقه أو سلوك ..
فمن أشهر الذين غلب عليهم الكلام من هؤلاء: أبومحمد عبدالله بن سعيد بن كلاب البصري ..
ومن أشهر الذين غلب عليهم الفقه: الحسين الكرابيسي أحد تلاميذ الإمام الشافعي في العراق، وهو في عداد المحدثين في الجملة.
ومن أشهر الذين غلب عليهم السلوك وتهذيب الإرادة والقصد: أبوعبدالله الحارث بن أسد المحاسبي البصري.
(9)
وحيث إنَّ ابن كلاب كان أكثرهم انصرافاً إلى الكلام وانشغالاً به فقد نشات في المتكلمين بعده طائفة تميل إلى طريقته في إثبات الصفات وإن اختلفوا في تفاصيل الإثبات، ويجمعهم إعمال الرأي في هذا الإثبات فكانوا بما أثبتوه من الصفات المتلقاة عن الكتاب والسنة أقرب طوائف المتكلمين في هذا الباب إلى السنة وأهلها ..
وكانوا بما أعملوا فيه آراءهم مخالفين لأهل السنة ومختلفين مع مخالفي أهل السنة من أهل الأهواء ..
فإن الكلابية صار أكبر نفيها لحقيقة الفعل لا لاسمه فهم يثبوت اسم صفات الفعل وينفون حقيقة الفعل ومن هنا نشأ قولهم الشهير الذي امتازوا به في مسألة الكلام ورد عليهم فيها أئمة الأثر وأئمة الكلام من المعتزلة وغيرهم ..
وأظهر الكرابيسي بين الفقهاء والمحدثين هذه المسألة في قالب أقرب إلى أسلوبهم باسم مسألة اللفظ، وصارت بها فتنة بل فتن داخل صفوف أهل العلم ولا سيما المحدثين بخلاف الفتنة الكبرى السابقة التي وقعت للإمام أحمد فإنها جاءت من خارج صفوفهم من الجهمية الخالصة باستعداء السلطان
وأما فتنة اللفظ ومن فروعها مسألة خلق الإيمان وما تبعها من تفريع وتشقيق فضولي مكدر لصفو الإيمان في القلوب فإنها مست أئمة كباراً وأوذي بها جبال من أئمة السنة كالبخاري وغيره وشمت بهم أعداء الكل من أهل الأهواء ...
(10)
فهذه الكلمات ليست سوى جولة عابرة إجمالية على هذه المسألة بحسب ما سنح وما أذن الله تعالى به في هذا الوقت، وقد قسمتها بحسب تجانس الأفكار لتسهيل الاستيعاب ..
ولعل من الإخوان من يساهم بمزيدٍ نافع قريبٍ إلى الفهم غير مشتت للقلب ..
فإن المراد ببحث هذه المسائل تثبيت الإيمان في القلب ونفي الشبه عنه، لا ضد ذلك، والأمر متعلق بأعظم عظيم، صفات ذي الجلال والإكرام ونعوته المقدسة،
غفر الله لي ما زللت فيه، ووفقني وإخوتي للسداد والرشاد، آمين ..
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[11 - 02 - 09, 09:35 م]ـ
الأخت الكريمة إليكِ الجواب مختصرا:
أول ما بدأ الكلام في الصفات الفعلية هو في صفة الكلام وأول من تكلم في إنكار صفة الكلام وأظهر هذه المقالة هو الجعد بن درهم معلم مروان بن محمد الأموي.
فتقديراً ظهور هذه المقالة في مطلع القرن الثاني الهجري.
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[13 - 02 - 09, 10:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ومن المتكلمين من جمع بين نفي الصفات ونفي القدر وهؤلاء أبلغ في التعطيل وأظهر ..
أليسوا هم الجهمية؟
وإن كان مآل التجهم متردداً بين صريح التعطيل وبين مقالة الحلول والاتحاد ..
أريد مزيدا من التوضيح!
فإن الكلابية صار أكبر نفيها لحقيقة الفعل لا لاسمه فهم يثبوت اسم صفات الفعل وينفون حقيقة الفعل ومن هنا نشأ قولهم الشهير الذي امتازوا به في مسألة الكلام ورد عليهم فيها أئمة الأثر وأئمة الكلام من المعتزلة وغيرهم ..
وأظهر الكرابيسي بين الفقهاء والمحدثين هذه المسألة في قالب أقرب إلى أسلوبهم باسم مسألة اللفظ، وصارت بها فتنة بل فتن داخل صفوف أهل العلم ولا سيما المحدثين بخلاف الفتنة الكبرى السابقة التي وقعت للإمام أحمد فإنها جاءت من خارج صفوفهم من الجهمية الخالصة باستعداء السلطان
وأما فتنة اللفظ ومن فروعها مسألة خلق الإيمان وما تبعها من تفريع وتشقيق فضولي مكدر لصفو الإيمان في القلوب فإنها مست أئمة كباراً وأوذي بها جبال من أئمة السنة كالبخاري وغيره
أرجو من الإخوة أن يشرحوا لي هذا الكلام أو يحيلوني إلى مراجع تفيدني في ذلك.
وجزاكم الله خيرا
الأخت الكريمة إليكِ الجواب مختصرا:
أول ما بدأ الكلام في الصفات الفعلية هو في صفة الكلام وأول من تكلم في إنكار صفة الكلام وأظهر هذه المقالة هو الجعد بن درهم معلم مروان بن محمد الأموي.
فتقديراً ظهور هذه المقالة في مطلع القرن الثاني الهجري.
جزاكم الله خيرا
¥