قريش كلها، وسادة قريش كلهم كانوا في صف الكافرين، سادة بني مخزوم، وبني هاشم (أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم) وبني أمية (عتبة بن ربيعة ثم أبو سفيان)
وغيرهم من سادة قريش، وهذا حال الملأ في كل زمان ومكان {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} سبأ34وهم الملأ، وهي علة في مكذبين الضالين وليس خللاً في دعوة ولا شخص المرسلين (29).
ولم تكن زعامة قريش يوماً في يد خالد بن الوليد كي يكون طرفَ في الصراع مع الرسول صلى الله عليه وسلم كما يفتري العقاد.
ولم يكن بني مخزوم كلهم صفاً واحداً في وجه النبي، بل في أحد بيوتهم بدأت الدعوة الإسلامية، وهو بيت الأرقم بن أبي الأرقم، بل وكان من إخوان خالد بن الوليد وأبناء عمومته من أسلم سابقاً غيره إلى الإسلام، أعني الوليد بن الوليد بن المغيرة (أخا خالد) وكان أكبر منه سناً و سلمة بن هشام بن المغيرة (بن عم خالد)، وعياش ابن أبي ربيعة بن المغيرة (30)، وأم سلمة ـ أم المؤمنين رضي الله عنها ـ وزوجها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي. فانظر إلى العقاد كيف هو معوج؟!
الفتوحات العربية!
كلنا نقول (الفتوحات الإسلامية) إلا العقاد يتكلم عن (العرب)، تقرأ له كثيراً (وانتصر العرب)، (جيش العرب) (31) (لكن حركة العرب حركة إنشاء ونماء). فهي عنده عربية تكملة للجاهلية يقول: (وهناك حلقات من الحوادث تسوغ لنا أن نعتبر حرب فارس الثانية امتداداً للوقعة الأولى بذي قار، أو استئنافا لتلك الواقعة) (32)
والحديث عن أنها كانت عربية لا إسلامية هو أخف العجب فيما نقرأ للعقاد.وأعجب منه تحليلات العقاد لانتصار العرب ـ على حد قوله ـ على الفرس والروم، وهاك البيان فأعرني عقلاً وصبراً فو الله حريصٌ على الاختصار حتى لا يمل المقال.
عند عباس العقاد أن العامل الأساسي في النصر والهزيمة هو الخبرة بالفنون العسكرية، يقول بأن العرب كانوا أخبر وأقدر من الفرس والروم ولذا انتصروا عليهم!! .. عنده (كتب النصر لأولى الفريقين به في ميزان الفن العسكري الذي يشمل جميع المرجحات) (33)، ويقول (وفرة نصيب العرب يومئذ من أقطاب الرجال ذوي الحنكة والنظر البعيد، وإنهم قد ظهروا لأنهم كانوا على أهبة في هذا الباب حرمتها كلتا الدولتين) (34). وفي ذات السياق يشكك في أمر العدد، بما يشي أن المسلمين كانوا هم الأكثر أو مماثلين.!!
هل كان العرب على أهبة للقتال أكبر من الفرس والروم؟!
لم يقل بهذا أحد قبل عبّاس، يسرح عباس بعقل القارئ، وكأنه على ناصية شارع بليلٍ في إحدى الهجر (العزب) البعيدة في مطلع القرن الماضي بين قومٍ لم يقرءوا ولم يكتبوا ولم يخرجوا من مكانهم.
يقول جمع العرب بين جميع فنون القتال التي يمارسها أهل البادية والتي يمارسها أهل المدن، ويستشهد بالمناذرة والغساسنة، يقول بأن هذه القبائل جمعت بين خبرة البدو في حرب العصابات وخبرة أهل المدن في الحروب النظامية.!!
والعقاد يكذب فهذه القبائل كانت حرباً على الإسلام وأهله في (مؤته) و (تبوك) و (اليرموك) و (فتوحات العراق) و (وفتوحات الشام). (الفتوحات العربية) التي يتكلم عليها العقاد كانت في هذه القبائل.فكانت خبرتهم القتالية في حرب المسلمين وليست معهم. فانظر كيف يقلب الحقائق؟!!
ويقول بأن قريشاً تعلمت علم العالمين في الحرب، إذ كانت تنتقل إلى العرب وينتقل العرب إليها (فقلما غاب عنها علم عربي وصل إليه أبناء الحواضر والبوادي باجتهادهم واختبارهم، أو وصلوا إليه بالقدوة والسماع عن الأمم الأجنبية) (35)!!
¥