ـ[أبو زرعة]ــــــــ[28 - 12 - 09, 03:57 م]ـ
وفيك بارك المثال:
وقال ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) متفق عليه
قالوا: ومعنى قوله سباب المسلم فسوق وقتاله كفر أنه ليس بكفر يخرج عن الملة وكذلك كل ما ورد من تكفير من ذكرنا ممن يضرب بعضهم رقاب بعض ونحو ذلك.
وقد جاء عن ابن عباس وهو أحد الذين روى عنهم تكفير تارك الصلاة أنه قال في حكم الحاكم "الجائر": كفر دون كفر:
حدثني محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس قال قال ابن عباس ليس بالكفر الذي تذهبون إليه إنه ليس بكفر ينقل عن الملة ثم قرأ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} واحتجوا أيضا بقول عبد الله بن عمر لا يبلغ المرء حقيقة الكفر حتى يدعو مثنى مثنى.
وقالوا: يحتمل قوله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن يريد مستكمل الإيمان لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وكذلك السارق وشارب الخمر ومن ذكر معهم.
في هذا الحديث وغيره بلفظ الخبر دون لفظ النهي وهذا موجود في القرآن والسنة ومعروف في لسان العرب.
وفي سماع أشهب سئل مالك عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال لرجل يا كافر فقد باء بها أحدهما" قال أرى ذلك في الحرورية فقلت له أفتراهم بذلك كفارا فقال ما أدري ما هذا ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما" قوله صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" وقوله: "لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم" ومثل هذا كثير من الآثار التي وردت بلفظ التغليظ وليست على ظاهرها عند أهل الحق والعلم لأصول تدفعها أقوى منها من الكتاب والسنة المجتمع عليها والآثار الثابتة أيضا من جهة الإسناد وهذا باب يتسع القول فيه ويكثر فنذكر منه ههنا ما فيه كفاية إن شاء الله وقد ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بهذه الآثار ومثلها في تكفير المذنبين.
واحتجوا من كتاب الله بآيات ليست على ظاهرها مثل قوله عز وجل {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} وقوله {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} وقوله {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} وقوله {إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} وقوله: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} ونحو هذا.
وروي عن ابن عباس في قول الله عز وجل {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قال ليس بكفر ينقل عن الملة ولكنه كفر دون كفر وقد أوضحنا معنى الكفر في اللغة في مواضع من هذا الكتاب والحجة عليهم قول الله عز وجل {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ومعلوم أن هذا بعد الموت لمن لم يتب لأن الشرك ممن تاب منه قبل الموت وانتهى عنه غفر له كما تغفر الذنوب كلها بالتوبة جميعا قال الله عز وجل {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}.
وقد وردت آيات في القرآن محكمات تدل أنه لا يكفر أحد إلا بعد العلم والعناد منها قول الله عز وجل {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} وقوله {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} وقوله {ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} وقوله {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} إلى قوله {فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ} ثم قال على إثر ذلك {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائيلَ فَلَمَّا
¥